بعد مرور خمسة عشر عام على اسقاط النظام السابق و تعرض البنية التحتي الى دمار هائل يرافقه دمار للبنية الادارية في مؤسسات الدولة وغيرها من العوامل التي وضعت العراق على راس قائمة اسوء البلدان للعيش. وليس هذا غريبا ان يتعرض العراق الى ذلك فهو ليس اول دولة و لا اخرها تتعرض لدمار شامل فاليابان ضربت بقنبلة ذرية و المانيا دمرت بحرب عالمية و كوريا الجنوبية لم يكن فيها مبنى من طابقين بعد الحرب مع الشمالية و الصين و سنغافورة و الكثير من الدول لكن جميعها اعيد بنائها بجهودها كبيرة وعمل دؤوب من قبل الشعب و الحكومة ولم ينتظروا مساعدة دولة اخرى او معجزة تهبط عليهم من السماء. ففي مرحلة بناء الدول من الطبيعي ان يعمل الموظفون و العمال و غيرهم اوقات اضافية وتحت رقابة عالية مع عطل قليلة جدا و هذا بسبب الحاجة الى بناء الدولة و مؤسساتها من جديد. اما في العراق فمؤسسات الدولة و خلال خمسة عشر عام وفي ظل وجود التقنيات العالية و الوفرة المالية و السهولة في التواصل مع كل دول العالم لنقل تجارب ادارة العمل الوظيفي الحديثة لم تعمل بما يوازي حاجة البلد لكي تعيد بناء البنية التحتية و البنية المؤسساتية بل على العكس من ذلك اصابها الخلل و البيروقراطية و عدم الانتظام جعلت الانتاجية تنخفض الى اقل مما كانت عليه عام ٢٠٠٣ . الامم المتحدة وبحسب دراسة اكدها احد خبراء الاقتصاد العراقيين توصلت الى ان انتاجية الموظف الحكومي خلال ٦ ساعات هي ٣٠ دقيقة في يوم الدوام الرسمي وهذه كارثة كبيرة جدا ان يكون الموظف الحكومي غير جاد في انتاجيته في مرحلة الحاجة الى البناء. و المقصود بالانتاجية هي مخرجات خدمة المواطن و اتمام المعاملات وليست عملية استقبال المعاملة و السير باجراءاتها فقد تطول هذه الاجراءات اسبوع او شهر او سنة بالتالي هذه ليست انتاجية لان الانتاجية تقاس بنهاية كل شهر عدد المعاملات و العمل المنجز في كافة المجالات. اضافة الى الانتاجية المنخفضة جدا هناك العطل بانواعها و اشكالها تصل الى ١٢٤ يوم في السنة وهذه كارثة اخرى لان الضرر من وراء هذه العطلة يكون على قسمين الاول: ابطاء عملية اعادة البناء المؤسساتية و البنية التحتية الى اقصى حد، و ثانيا: لخسارة مالية كبيرة للاقتصاد العراقي. ورغم كل هذه الحقائق المفزعة مازالت العقوبات الوظيفية غير رادعة والتي جعلت اضاعة وقت المواطن و اضاعت وقت العمل شيء طبيعي ففي مؤسسات الدولة استخدام برامج التواصل و الشبكات الاجتماعية و العاب الهاتف مستمر خلال وقت الدوام اضافة الى وقت الفطور و الغداء الذي يتوقف فيه العمل تماما. اذا كيف سنبني العراق في ٣٠ دقيقة عمل و ١٢٤ يوم عطلة في السنة و عدم وجود قانون عقوبات وظيفي رادع ! هذه العوامل الثلاثة في حد ذاتها كارثة كبيرة بحق العراق و شعبة و مستقبل اجياله ستسمر اذا لم يتوقف عليها اصحاب القرار ويقطعون جذورها
٣٠ دقيقة لبناء العراق
