بسبب الحرب الروسية على اوكرانيا و اسباب سياسية اخرى سبقت هذه الحرب كانت اسعار ولازالت اسعار الطاقة تزداد على الدول و المواطنين ويبدو انها ستستمر بالارتفاع نظرا لتقلبات السياسية الدولية و استهداف مصادر الطاقة العالمية من قبل جماعات ارهابية وزيادة الطلب من قبل دول لها اقتصادات عملاقة كل هذه العوامل واخرى جعلت برميل النفط والغاز وغيرها من المحروقات ترتفع بشكل كبير عالميا.
ان توفير المحروقات للمواطنين تعد من اهم واجبات الحكومة واكثرها تكلفة على الاقتصاد المحلي و هي خدمة قد لا تكون ايجابية اقتصاديا، فاللحكومة ربح من بيع المحروقات يقتطع من المواطن لكن هذا الربح قد يتضاءل او تضع الحكومة اضافة مالية على ارباحها السنوية من المحروقات لتشتري محروقات من السوق العالمية باسعار مرتفعة متاثرة بالسياسية و الاقتصاد العالمي بل ان بعض الحكومات تستدين من الخارج لتوفر مبالغ شراء المحروقات بسبب عدم قدرة اقتصادها على ذلك !.
وهنا تظهر قدرات الدول المتقدمة على حل هذه المعضلة باستخدام عدد من الوسائل مثل الاعلانات التوعوية التي تكاد لا تنقطع و حث المواطن على تقليص استخدام الطاقة المعتمدة على المحروقات عن طريق تقديم خصم على الفواتير ان تم الاستخدام ضمن سعة محددة لكن الاهم هو العوازل.
العوازل التي تستخدم في المنازل للتدفئة او التبريد وتستخدم لحفظ حرارة الماء او برودته تعتبر الخطوة المفصلية في توفير موارد مالية كبيرة للحكومة، وقد يقول البعض ان موضوع العوازل معروف وليس بشيء جديد، و الاجابة هنا ان الكثير من الحلول معروفة لكن من يطبقها او يفرض تطبيقها على المواطنين من اجل الصالح العام.
فمن خلال قراءة دراسة منشورة بشكل مختصر في صحيفة لندنية توصلت الى ان عوازل الحرارة في المنزل توفر مايقرب من ٣ لترات يوميا من المادة المحترقة “ان كانت نفط او ديزل” يوميا للمجمعات السكنية التي تعتمد على هذا النوع من التدفئة، وهنا لو تم حساب ان ٣ لترات يوميا يتم توفيرها من ( ١٠٠٠ ) مجمع سكني “وهو رقم اقل بكثير مما هو موجود في مدينة مثل لندن” بالتالي يتم توفير ٣ الاف لتر يوميا، هذا الرقم يتم ضربه بعدد ايام اشهر الشتاء والتي تمتد من شهر ١١ الى شهر ٣ قريبا في بريطانيا، عدد هذه الايام كمعدل عام ٣٠ ضرب ٥ يساوي ١٥٠ يوم هو عدد ايام الشتاء ويتم ضربه في ٣ الاف لتر التي يتم توفيرها من خلال العزل المنزلي للحرارة في ١٠٠٠ مجمع سكني بالتالي يكون العدد الاجمالي لتوفير لترات الاحتراق للتدفئة هو ٤٥٠ الف لتر خلال ٥ اشهر !
٤٥٠ الف لتر هو مثال للعدد التقريبي للمجمعات السكنية في لندن فقط لم يتم حساب المنازل و الفنادق و الشقق وغيرها ولم يتم حساب باقي الولايات في المملكة المتحدة بالتالي لو كانت الحسابات دقيقة قد يصل مايتم توفيره يوميا الى ارقام خيالية بسبب العوازل الحرارية.
وتخيلوا المعادل المالي لهذه اللترات المحترقة والذي قد يصل الى عشرات او مئات ملايين الدولارات في زمن الحرب الروسية على اوكرانيا و قصف الارهابيين لمصادر الطاقة العالمية وغيرها من الاحداث.
وهنا يظهر ضعف اجراءات الدول النامية في فرض العوازل المنزلية و استخدامها، مايؤدي الى صرف جزء كبير من ميزانياتها الضعيفة اصلا لشراء المحروقات او اضطرارها للاستدانة بالتالي الغرق بالمديونية و طلب الغاء الديون مقابل تنازلات سياسية او اقتصادية كبيرة.
ان العوازل الحرارية لا تقتصر على الدول الباردة بل حتى على الدول الحارة التي تملك صيفا طويلا وجوا مشمسا، فعزل الحرارة الداخلة للمنزل يوفر طاقة كهربائية مخصصة للتبريد، هذه الطاقة قد تنتج من عملية الحرق للوقود كي تنتج منه كهرباء للمنازل.
الخلاصة: الحلول للمعضلات التي تكلف اموالا طائلة وتثقل اقتصاد الدولة موجودة ومتاحة للجميع لكن الرغبة و القدرة على التنفيذ هي التي يجب توافرها لتوفر المورد المالي.