العيش بين امريكا و بريطانيا

العيش في العالم الغربي يحمل الكثير من التميز و الخصائص التي تحفظ كرامة الانسان و حقوقه و تقدم له الخدمات المهمة و المتنوعة، ان اغلب دول العالم الغربي متشابه بنسبة كبيرة من نواحٍ، وهو ما سمعت به وعشته من خلال تجربتي في العيش بين امريكا و بريطانيا حيث تصنفان بانهما دولتان عظيمتان امريكا حاليا و بريطانيا سابقا، وقد سئُلت من قبل اصدقائي و اصحابي عن ايهما تفضل و انك تعيش في كليهما وقد وجدت صعوبة في الاجابة عن هذا السؤال الى ان مرت ٣ سنوات من العيش في بريطانيا لكي اجيب عن هذا السؤال.

بريطانيا تراث فكر اساس العالم الغربي

من اول لحظة خرجت فيها من مطار هيثرو البريطاني وانطلقت بسيارة “البلاك كب” التكسي الكلاسيكي البريطاني و شاهدت لندن شعرت بتاريخ امبراطوري فكر كلاسيكي مازال محافظا على ابتكاراته، حيث شكل المنازل و الوانها و اسماء الشوارع و المناطق و ارتباطها بالتاريخ والحضارة الحديثة و عصر الصناعة و السيطرة على اجزاء كبيرة من العالم، لندن لها جمالية لا تضاهيها مدينة حتى عن السير في شوارعها تشعر بوجدانها و اناقتها بل انها مدينة ملهمة فكريا و ادبيا و ثقافيا.

لكن يبقى العيش في بريطانيا بشكل عام غالي التكلفة ومع مرور اكثر من عامين تتكرر الكثير من المشاهدات حيث تبدا الرتابة تزداد لان لندن وباقي مدن بريطانيا رغم تاريخها الاستعماري الممتد لاكثر من ٣٠٠ عام لم تصل مستوى المدن العملاقة و الهائلة بالمقارنة مع تاريخها الاستعماري، فلسفة الانجليزي بحسب رايي المتواضع يفضل الاماكن والمساحات الصغيرة لكن بجودة عالية جدا جدا وهو ما لاحظته خلال عيشي فهم يستفيدون من المساحات الضيقة جدا بتنظيم عالٍ وجودة متفوقة، يعشقون الكلاسيكيات فكثيرا ما اشاهد ادوات و كتب و اشياء مر عليها الزمن ولم تعد مفيدة لكنها تباع باسعار غالية جدا لانها كلاسك، كذلك تشاهد بقايا انتاجات الحضارة البريطانية والتي تتاكل وتختفي يوم بعد اخر مثل اخر محل لتجارة الطوابع في شارع بيكاديلي ومحلات صناعة الشمسيات صناعة يدوية غالية الثمن و الملابس التي لا تصلح لهذا الزمن وغيرها الكثير من منتجات الفكر و الثقافة و البريطانية والتي يحافظ عليها الانجليز فقط لكن العالم هجرها، بشكل عام عند قراءة التاريخ و الانجليزي وتشاهد لندن تكتشف ان اكثر افكار العالم الحالي من العولمة و الشركات العابرة للقارات و السيطرة العسكرية وانتشار الجيوش حول العالم و فرض الثقافة و تصريف منتجات في اسواق دول ناشئة كلها انطلقت من بريطانيا، لكن كل ما انطلق منها قد ذهب مع الريح ولم يعد مجدي في هذا الزمن، عموما العيش في بريطانيا له نكهة خاصة مشبعة بالماضي العظيم و الحاضر المتواضع لكن على مستوى الخدمات و الرقي و غيرها نعم هي متفوقة جدا.

امريكا الحضارة الحالية و المستقبلية

عام ٢٠١٤ انتقلت للعيش في امريكا وتحديدا في ولاية كاليفورنيا “الولاية الذهبية” في مدينة سان دييغو “مدينة المتقاعدين” حيث الاجواء المشمسة المعتدلة على طول العام، ان القادم الى امريكا سيشعر بقوة الدولة من حيث المساحة العملاقة و المدن الكبيرة و المباني الضخمة والمشاريع الهائلة كذلك التنوع البشري الهائل، حتى الشركات اكثرها عملاقة وفيها الاف الموظفين، كذلك حجم الاستهلاك الكبير لكل شيء ان كان غذائي تقني ملابس سياحة فكل شيء في امريكا يستهلك بقوة وله سوق كبير، كما ان الامريكيين يدفعون كثيرا لكل شيء ان كان هواية او رياضة او ابتكار او للتسلية فهم لا يبخلون على شيء حتى الاكراميات تصل الى ارقام صادمة، في امريكا الحياة ابسط و اسهل و اكثر انفتاح و لا يوجد فيها اي مانع للانسان سوى القانون فهو حر بمعنى الكلمة حتى اني شعرت اكثر من بريطانيا التي فيها نوع من العادات و التقاليد لدى البريطانيين الاصليين.

في امريكا التجارة و العمل و مستوى الرواتب في ارتفاع مستمر فاقتصادها سريع النمو كبير جدا عالمي بشركات عابرة للقارات وثقافة منتشرة تقضي بشكل مستمر على كل الثقافات القديمة، كذلك في امريكا تسهيلات كبير من كل النواحي القروض فتح الحسابات اصدار الهويات على العكس من بريطانيا التي تملك بعض المعوقات وان كانت بسيطة في بعضها.

كما تركز الفلسفة الامريكية على الانفتاح بالمساحات و البساطة في التجهيز مع جودة متوسطة مناسبة للجميع لذلك لا تكون مكلفة وهذا ما نشاهده في المنازل و الدوائر الحكومية و الشركات و غيرها فهي تؤدي العمل و الحاجة المطلوبة بابسط سعر و افضل انتاجية.

اسلوب العيش بين امريكا و بريطانيا

في امريكا يركز اسلوب العيش على السفر المستمر بين المدن و الولايات ولان امريكا دولة عملاقة لذلك لا تكفي حياة الانسان لمشاهدة الولايات الامريكية فكلما سافرت في الولاية التي تعيش فيها او الى ولايات اخرى كلما شاهدت شيء جديد، اما في بريطانيا فانت تعيش في مدينة في مركز واحد فيه كل شيء اما خارج هذا المركز فهي احياء متواضعه ونفس الامر في باقي المدن البريطانية عند السفر اليها فهي مدينة وفيها مركز واحد فهي كل شيء وطبعا هذا ليس امر سيء ففي هذا المركز الواحد كل ثقل المدينة لذلك تشاهده رائع جدا و منسق و جميل و راق و مكتظ دوما الى ساعات الليل المتاخرة مليء بالحانات والمطاعم الراقية والحدائق المتميزة.

الخيارات الصعبة

واعود الى السؤال ايهما افضل للعيش ! من وجهة نظري امريكا هي الافضل لان مستوى الرواتب مقارنة باسعار السلع يكون لصالح الفرد على العكس من بريطانيا الغالية جدا، توفر فرص العمل، السهولة بالتعامل، مهما عشت في امريكا ستجدها متجددة لان كل ولاية تختلف عن الاخرى وفيها مغامرة جديدة، بالتالي انا فضلت امريكا، وهذا الراي يبقى بحسب رغبات الشخص نفسة فمن يريد المساحات الصغيرة و الحميمية و الاكتظاظ و المدن الساهرة و المضيئة التي تحتوي على مطاعم و محلات رائعة جدا يختار لندن ومن يرغب بالسفر و الطبيعة و المغامرة المتجددة يختار امريكا، كذلك موضوع الحداثة من يفضلها يختار امريكا ومن يختار الكلاسيكيات و التاريخ والمدن الملهمة يختار بريطانيا فيبقى الاختيار بحسب الشخصية.

الإعلان

نُشر بواسطة husamaltaee

News anchor and a presenter in Television

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: