القراءة هي رياضة العقل ومصدر لرفع المستوى الثقافي والعلمي للفرد و المفكر و الدارس، لذلك القراءة مهمة لكل شخص فهي لا تقتصر على جمع المعلومات و رفع الثقافة فقط بل “توسع المدارك” و “تفتح افاق فكرية” جديدة لدى القراء ليس فقط في مجال عملهم او اهتمامهم بل في كل مجالات الحياة فالعقل واسع المدى كثير المعلومات المطلع على الخبرات يفكر “بشكل مختلف عن النمط السائد” و يتخذ قرارات “اكثر دقة” من العقول غير القارئة لانها بمعنى اخر ليست مدربة على التفكير و غير واسعة الافق و المدارك.
البداية العصبة تؤدي الى نهاية سريعة
ان قراءة الكتب تحتاج الى الجلوس لوقت معين في بيئة مناسبة للقراءة، مع تخصيص جهد للقراءة و الاهم الشعور بالقناعة بان القراءة اليومية مهمة وان تخصيص كل الوقت والجهد لها مهم، لكن يواجه الكثيرون من الطلبة و القارئون خارج الدراسة صعوبات جمة في القراءة منها.
١. الملل من قراءة الكتاب.
٢. الشعور بالتعب من قراءة الكتاب.
٣. نسيان المعلومات بعد مدة من القراءة.
٤. انتفاء الحاجة لاكمال قراءة الكتاب “الشعور بانه قراءته غير مفيدة”.
بالتالي الصعوبات و عدم القناعة و تخصيص الوقت و الجهد الكافي لذلك يؤدي الى نهاية سريعة لرغبة قراءة الكتب والتي توقفها نهائيا وهنا هو الخطأ الكبير لان اسلوب و فن القراءة غير موجود.
تعلم اسلوب وفن القراءة قبل ان تقرأ
عن البدء بالقراءة يجب على القارئ معرفة عوامل مهمة لكي تكون جهوده المخصصة للقراءة ذات نتائج فعالة واهمية بالنسبة له، و منها اسلوب القراءة يكون من خلال التالي.
١. القراءة في مكان ليس هادئ تماما “لانه يسبب النعس” بل في مكان قليل الهدوء.
٢. اختيار كتب بعدد صفحات ٢٥٠ في حد اقصى ويفضل ١٥٠ صفحة فقط والسبب في ذلك “ان البداية في عملية القراءة صعبة لذلك يرغب الفرد في ان يكمل الكتاب الاول ليشعر بالانجاز وان عملية القراءة لا تاخذ الكثير من الجهد لانهاء اول كتاب بالتالي الشعور بالانجاز يولد للفرد الرغبة في قراءة كتاب ثاني وثالث ومع نمو هذه الرغبة تزداد القدرة على القراءة لفترات اطول”.
٣. الكتب بصفحات قليلة اكثر تركيز و اختصار للمحتوى والافكار، وهي من الحقائق المهمة لان اكتب قليلة الصفحات تعطي “الخلاصة” مباشرة بدون حشو و هوامش بالتالي القارئ المبتدء لا يتشتت ويبقى ذهنه متابعا للفكرة الاساسية في نص الكتاب ويستطيع استيعابها عكس الكتب التي “تحشو الكلام الكثير” فتضيع الفكرة الاساسية بين الاسطر و لا يفهم القارئ شيء.
٤. اختيار كتب لها علاقة بالاختصاص الدراسي او المهني او لها علاقة بما يهتم به الفرد القارئ، وكمثل ان طالب دراسة الاعلام يفضل ان يبدأ قراءة كتب الاعلام بدل من الروايات او كتب التاريخ التي لا ترتبط باختصاصه وذلك لان كتب الاعلام تنمي عنده شعور “اني اقرأ كتاب يعود لي بالفائدة العلمية في مجالي الاكاديمي وبنفس الوقت هو تنمية للقدرات الفكرية” بالتالي هي فائدتين في وقت واحد “الاطلاع على معلومات الاختصاص الاكاديمي بشكل اوسع مع تنمية قدرات القراءة” وهذه الفكرة تطبق ايضا على كل الاختصاصات و العاملين في مجالات اخرى مثل “المحاماة و التاريخ و تعليم اللغات وغيرها” فان ارادوا البدء بالقراءة يفضل ان يقرأوا كتب مرتبطة بمجال عملهم اولا.
٥. تحديد عدد الصفحات اليومي، ام مهم جدا لان القارئ سينمي قدرة “استمرارية التركيز و القراءة” وسيلاحظ بنفسه تطور قدراته الفكرية و قدرة القراءة والفهم، وكمثل على ذلك ان يحدد القارئ ١٠ صفحات لاكمالها كل يوم، ففي اول يوم سيواجه مشكلة و صعوبه في اكمالها لكن في اليوم ٣٠ سيجد ان ١٠ صفحات كل يوم امر سهل جدا، فينتقل بعدها الى ١٥ صفحة في اليوم وهكذا الى ان يصل الى ٥٠ صفحة في اليوم بكل سهولة.
٦. التخطيط لاكمال الكتاب، يجب على كل قارئ ان يحدد “متى سانهي قراءة الكتاب” لان عدم تحديد مدة زمنية يبطل الرغبة في اكمال الكتاب و يجعل الفرد يماطل في القراءة الى ان تتلاشى الافكار التي يتذكرها عن قراءته الصفحات الاولى من الكتاب لانه ابتعد لمدة اسبوع او اكثر، لكن عند تحديد متى سأنهي الكتاب بمعنى “كتابي ٢٠٠ صفحة وانا اقرا كل يوم ١٠ صفحة اذا سانهي الكتاب خلال ٢٠ يوم اما اذا قرأت كل يوم ١٥ صفحة سأنهي الكتاب خلال ١٣ يوم تقريبا” وهكذا بالتالي تستطيع معرفة كم سيبقى الكتاب عندك و متى ستنهي قراته وهذا يعطي شعور قوي بتحقيق الانجاز السريع في وقت قصير.
٧. التخطيط لاكمال عدد من الكتب خلال الشهر ونصف السنة و السنة، يجب على القارئ ان يحدد هدفا من القراءة “وهي امر يفخر به القارئ المحترف انه انها قراءة ٥٠ او ١٠٠ كتاب خلال حياته” بالتالي تحديد عدد الكتب لهذه السنة والتي ستتم قراءتها هي مثلا ٥٠ كتاب، وقد يبدو العدد كبير لكن مع حساب كتب قليلة الصفحات وقراءة صفحات كثيرة خلال اليوم سيظهر ان قراءة ٥٠ كتاب عملية سهله.
٨. قراءة كتب بشكل متسلسل ضمن نفس الاختصاص او الفكرة او الموضوع، بمعنى عند قراءة اول كتاب اعلامي واكماله يتم قراءة كتاب ثاني عن الاعلام لكن بموضوع اخر وهكذا، فعند الوصول الى الكتاب العاشر تكون اكثر الافكار التي اطلعت عليها في الكتب السابقة قد ترسخت في الذهن لان القارئ مارس عملية تكرار المعلومة من مصادر اخرى بشكل وتركيز مختلف.
ارشفة الكتب.. اهم نقطة في القراءة
من اكبر و اكثر المشاكل التي يواجهها القارئون هي “ارشفة المعلومات المهمة التي يطلعون عليها في الكتب” فعملية الارشفة هي جوهر القراءة” وان “الاحتفاظ بالمعلومات المهمة للعودة اليها في وقت الحاجه يوفر الكثير من الوقت و الجهد ويعطي الكثير من التميز للفرد” بالتالي يجب ارشفة كل ما تشعر انه مهم خلال قراءتك، و تتم عملية الارشفة عن طريق
١. وضع دفتر جانبي صغير مع كتابة اسم الكتاب و المؤلف و دار الطباعة للكتاب الذي يقرأ حاليا.
٢. وضع رقم الصفحة و اسم الموضوع المهم وكتابة اول ٥ كلمات من الموضوع المهم والذي اثار اهتمامك اثناء قراءة الكتاب في صفحة الدفتر المخصص للارشفة، و السبب في ذلك لكي تستطيع العودة على كل المواضيع المهمة التي تحتاجها بدقة عالية.
٣. تصوير دفتر الارشيف من كاميرا الموبايل و رفع الصور الى الخزن السحابي “دروب بوكس او جوجل جرايف او غيرها” وتوضع الصور في ملف مع تسميته بإسم الكتاب نفسه للعودة اليه في المستقبل وللحفاظ على جهودنا من التلف والضياع التي قد تتعرض لها في حال بقاء الارشيف على النسخة الورقية.




تجربة شخصية مع القراءة
شخصيا و خلال دراستي لدرجة الماجستير في الاعلام من جامعة البترا قرأت ٣٦ كتاب اعلامي وقد كانت هذه الكتب من اهم المصادر لاكمال رسالة الماجستير، حيث لم اواجه صعوبات جمة كما هو حال زملائي لانني وخلال العام و نصف من الدراسة كنت قد اكملت الكتب اصلا، لذلك عند كتابة الدراسة كانت المراجع العلمية و المعلومات جاهزة وليست منقولة من الانترنت او من رسائل اخرى، وبعد اكمال الماجستير استمريت بالقراءة حتى وصلت الى ٢٣٠ كتاب منها العربي و الانجليزي، وبعد اكمال قراءة ١٠٠ كتاب عن الاعلام اتجهت لقراءة كتب خارج الاعلام مثل التاريخ و السياسية و غيرها الكثير.
اما نتيجة قراءة ٢٣٠ كتاب كان لها تاثير كبير على شخصيتي و فكري و نظرتي للقضايا و الامور، قد يصعب شرحها لكن باختصار اشعر انني شخص مختلف جذريا عما كنت عليه سابقا.

للاطلاع على صور الكتب في موقع حسام الطائي الرسمي اضغط هنا
خلاصة القول في القراءة
ان القراءة فن واسلوب يحتاج الى وقت و جهد لذلك على كل قارئ وقبل الدخول في هذا العالم الرائع والذي يغير فكرك و شخصيتك ان تبدأ بداية صحيحة لكي تاخذ نتائج صحيحة و تاثير كبير على شخصك و الذي قد تلاحظه ويلاحظ الاخرون بعد ان تتجاوز ١٠٠ كتاب قراءة انك تغيرت فكريا و نفسيا نحو الافضل.