في كل يوم تظهر افكار جديدة تتعلق بالسياحة لم يعهدها احد سابقا فقد تحدثت في مقال سابق عن “السياحة السياسية” وهو نوع لا يوجد الا في الدول المستقرة و التي تملك فكر وافاق واسعة حيث تستخدم رموزها السياسية كمناطق سياحية، هذه المرة اشير الى “السياحة الزراعية” وهذا ما شاهدته في لندن، حيث استثمر الانجليز الطبيعة بفكرة تجارية تعود عليهم بارباح هائلة مقابل تكاليف قليلة.
فكرة السياحة الزراعية بشكل عام
تعتمد السياحة الزراعية على مفهوم “الحدائق المرتبة بشكل جميل جدا” و “وفرتها في مناطق متعددة” تكون بالاخص قرب المناطق السياحية، الهدف من ذلك هو تسهيل عملية زيارة السائحين لهذه الحدائق المتعددة وتعلقهم بها خاصة بجمال هندستها و كثرتها.
ففي اكثر الدول العربية و الدول الاخرى قد لا يهتم او ينتبه المواطن الى اهمية الدخول الى الحدائق المرتبة والمنظمة بشكل كبير، لكن بالمقابل لهذه الاماكن تاثير نفسي وبصري وروحي كبير جدا، ولا يظهر هذا التاثير الا بعد زيارة الحدائق الغناء لمرات متعددة في هذه الحالة قد يلاحظ السائحون مدى متعة و روعة المكان و تاثيره عليهم.
امثلة حية على تطبيق فكرة السياحة الزراعية
في لندن هناك اسماء رنانة لحدائق مشهورة جدا بل ان شهرتها تحولت الى عالمية واكثر السائحين يزورونها كجزء من الجدول السياحي ومنها
١ حديقة الهايد بارك: وهي حديقة كبيرة جدا وسط لندن، اشتهرت بجمالها و هندستها و تنوع مزروعاتها والاهم اشتهرت “بزاوية الصراحة” التي تمكن اي فرد من انتقاد مايريد من خلال الصعود على درج، وهنا اشتهر الهايد بارك بشيئين الاول امكانية الانتقاد و سماع النقد بشكل صريح، و الثاني جمال الحديقة وتنوعها الطبيعي و كونها مكان هادئ وسط مدينة صاخبة.
٢ حديقة ريجنت بارك والزهور الملكية: في نهاية شارع ريجنت الذي يتقاطع مع شارع اوكسفورد تقع حديقة ريجنت وتمتاز بوقوعها وسط عدد من المؤسسات الحكومية مثل “قناة بي بي سي” و “المركز الاسلامي البريطاني” وعدد اخر ايضا مايجعلها طريق لمرور الموظفين من والى دوائرهم، بالتالي تضيف نوع من الراحة و الايجابية و الطاقة للعمل، كما توجد وسط هذه الحديقة جامعة ريجنت والتي توفر مناخ هادئ ورائع لطلبتها بسبب توسطها هذه الحديقة، لكن الاهم هو الحديقة الملكية حيث تجمع عدد كبير من الزهور الملونة و النادرة و الغريبة بل ان بعض الانواع لايمكن الاقتراب منها فقط مشاهدتها عن بعد، هذه الميزة جعلت حديقة ريجنت مقصد للسائحين و لمن يبحث عن الهدوء النفسي والتعافي من مرض فالزهور الملونة تجذب النظر و البهجة للزائرين.
٣ حديقة ريجمونت الكبيرة، على اطراف لندن تقع واحدة من اكبر الحدائق والتي تنمو بشكل طبيعي دون تدخل بشري كبير، حيث تمتاز بمساحات خضراء واسعة واشجار كبيرة و الاهم قطعان من الغزلان التي تعيش فيها فهي محمية طبيعية وحديقة كبير في نفس الوقت، يقصدها السائحون الباحثون عن مناظر خضراء كبيرة، فيها يمكن الشعور ان بانك تزور غابة في الطبيعة بعيدة عن المدن.
كيو كاردنز
كلما ذكر من حدائق يمكن اعتبارها شيء و كيو كاردنز هي شيء اخر مختلف جذريا
افتتحت الحديقة عام ١٧٥٩ جنوب غرب لندن بمساحة ٣٠٠ هكتار تضم “أكبر المجموعات النباتية والفطرية وأكثرها تنوعًا في العالم”
تضم حدائق كيو أكثر من ٥٠ الف نوع نبات مع أكثر من ٧ ملايين عينة محفوظة فيها كما يوجد أكثر من ٧٥ الف مجلد و رسم توضيحي في مكتبتها عن النباتات، وقد دخلت مواقع التراث العالمي لليونسكو.
يزور الحديقة أكثر من ٢ مليون زائر سنويا وتوفر وظائف لاكثر من ١١٠٠ موظف يعملون فيها ما عدا الوظائف الداعمة لها “اي الوظائف التي تعتمد على حديقة كيو جاردز بشكل غير مباشر”.
فيها أصغر المساكن الملكية البريطانية حيث كان ملاذًا شهيرًا لجورج الثالث خلال الاعوام (1760 – 1820).





كما تملك الحديقة موقع الكتروني رائع جدا فيه الكثير من المعلومات و الحقائق عن النباتات و عن الحديقة كما يقدم خدمات اخرى مثل الفعاليات المقامة في الحديقة مثل الرياضة و الغناء و الاحتفال و العروض الخاصة بالمطاعم و الكافيهات داخلها





لزيارة الموقع الالكتروني لحديقة كيو جاردنز اضغط هنا
تجربة شخصية
خلال عيشي في لندن زرت حديقة كيو جاردن وق كانت تجربة رائعة جدا حيث امضيت اكثر من ٥ ساعات فيها و لم استطع ان اكمل جميع ما تقدمه من مرافق و مناظر و تجارب رائعة، وقد عرفت انها تحتاج الى ٥ زيارات لكي اتمكن من اتمامها، ولطالما نصحت الزائرين الى لندن ان يتوجهوا لها وكانت ردود فعلهم رائعة جدا
لمشاهدة زيارتي الشخصية الى كيو جاردنز اضغط هنا
هل يمكن نسخ تجربة السياحة الزراعية وتحديدا كيو جاردز
نعم يمكن ذلك خاصة و ان الكثير من الدول اعتمدت السياحة الزراعية كمصدر جذب و دخل اضافي، بالتالي امكانية استيراد الفكرة ممكن و الاهم انها غير مكلفة كثيرا للدولة من ناحية التاسيس و الادامة فهي لا تحتاج الى ابنية كثيرة ومعدات بناء متطورة، كما لا تحتاج الى فريق كبير من ذوي الاختصاصات النادرة فتكاليفها قليلة مقارنة بالمتاحف وغيرها من مرافق الجذب السياحي، لكن يبقى الايمان بالافكار الخلاقة هو العائق الوحيد لتاسيس هكذا نوع من السياحة.