لن نخدم العراق مادام المتقاعدون مهانون

التقدير و الاحترام والخدمة اهم عوامل احترام الانسان بل وتزداد اهميتها كلما تقدم في السن وصار توافرها كحالة وجدانية اهم لدى البعض من توفير الماديات، فكثيرا ما نسمع ان العيش باحترام افضل من الدخول في عمل او موقف مذل وان كان فيه مردود مادي كبير “وهذا لاينطبق على سياسيي العراق”.

اين ينعدم الاحترام و التقدير وتتوفر الاهانة

ان اراد اي شخص ان يشاهد انعدام الاحترام و التقدير للانسان ماعليه سوى زيارة دوائر الحكومة العراقية بشكل عام و دائرة التقاعد بشكل خاص، حيث تتجلى قمة “عدم احترام و تقدير الانسان الذي خدم الدولة لسنوات طويلة”، بل تضاف على انعدام الاحترام و التقدير بعض من “الاهانة المباشرة” اسلوب التعامل الجاف وتدويرهم بين شعب الدائرة الحكومية وبعض من الطلبات التعجيزية وغيرها، “والاهانة غير المباشرة” المتمثلة بسوء التنظيم وعدم توفر الخدمات “الحمامات و ماء الشرب و التبريد وغيرها” بالاضافة الى سوء التنظيم والازدحام وغيرها الكثير التي تتكدس على رؤوس المتقاعدين.

حقوق مسلوبة ومتاخرة

واحدة من عجائب دائرة او هيأة التقاعد منذ العهد الجمهوري الاول الى اليوم هي “تاخير المعاملات و نقص الراتب التقاعدي” وهو الثابت الوحيد الذي عجزت عن حله عقول مدراء دائرة التقاعد، فقد يكون ارسال رجل الى القمر عام ١٩٦٩ وحساب المعادلات ورقيا اهون من حساب حقوق متقاعد خدم الدولة ١٠ سنوات بالنسبة لدائرة التقاعد، فلم يخرج متقاعد في لقاء تلفزيوني او خبر الا وهو يشتكي من تاخير المعاملة و نقص الراتب “وشخصيا لاحظت ذلك خلال ١٠ سنوات من عملي كمذيع اخبار ومقدم برامج”، بالاضافة الى مراجعتي “لبنك الرافدين فرع عمان لاستلام راتب والدي” وهناك كنت الحظ المشاكل و الازمات الدائمة بسبب التقصير الحاصل من دائرة تقاعد بغداد.

واحدة من التقارير التي نشرت عن معاناة المتقاعدين في العراق وهي من عشرات التقارير و الاخبار التي قرأتها عن معاناتهم

و لا اعرف شخصيا ماهو دور البرامج و التقنيات الحديثة في تسهيل حساب رواتب المتقاعدين او تسريع عملية اتمام المعاملة، لكن اتوقع ان هذه البرامج و الحاسبات المتقدمة تعجز عن حل مشاكل دائرة التقاعد نظرا لوجود “سوء التنظيم للسجلات و المعلومات وادارة المعاملات ، تعدد القوانين والانظمة بشكل متداخل وغير منسق ، الفساد المالي و الاداري ، عدم فهم الادارة و الموظفين لكثير من عمل دائرة التقاعد” فهنا ستعجز الحواسيب عن حل هذه المعضلة فهي لا تتعامل مع انظمة العصور الوسطى و المظلمة !.

“واتوقع ان اهانة المتقاعدين و تاخير معاملاتهم و نقص رواتبهم سيستمر نظرا لانعدام الاهتمام و الاحترام والتفكير بالمتقاعدين بان لهم فضل على الدولة و المجتمع”

الرشوة بعد السرقة للكادحين

من يشاهد متقاعدي العراق يعرف انهم كادحون في الحياة، فرواتبهم التقاعدية ليست مجزية “كما هي رواتبهم سابقا” بالكاد توصلهم الى نهاية الشهر، فلا يتم حساب التضخم او غلاء المعيشة لا بحالات نادرة جدا تظهر مكافأة هنا وهناك، ورغم ذلك تضاف “الرشوة لاتمام معاملة التقاعد” من بعض الموظفين كجزء من المعاملة، فان لم يدفع تاخرت لسنة او اثنين او ثلاث سنين وان اضافة من ماله الخاص مبلغ لدفع الرشوة سارت المعاملة التي تنتهي اما براتب منقوص “في اكثر الاحيان الا ما رحم ربي” او براتب متاخر “بسبب عدم اقرار الموازنة وغيرها من اسباب”.

تجربة في بلاد الغرب

شخصيا شاهدت المتقاعدين في بريطانيا وفي امريكا “ولي اقارب يستلمون رواتب تقاعدية هناك” و قرأت عن الامر كثيرا، وملخص ذلك هو

“احترام المتقاعد واجب وطني على الحكومة ويتمثل في”

١- دوائر التقاعد تكون باعلى درجات التنظيم و الترتيب مع توفير كل المرافق المهمة مثل “الحمامات و التبريد و النظافة و النظام و الموظفين الكفء”.

٢- معاملات التقاعد يتم اتمامها باسرع وقت ممكن “بين ايام الى اسبوعين فقط ان كان المتقاعد مشغول بامور اخرى”.

٣ – قبل نهاية الشهر بايام يصل التقاعد كاملا مكملا الى حساب البنك دون مراجعة الدائرة و الاستلام نقدي، او يُحول الى بطاقة الائتمان مباشرة، مع ارسال اشعار مسبق قبل وصول الراتب بانه سيصرف في التاريخ المعين وكم المبلغ، وعند وصوله يتم اشعار المتقاعد ايضا برسائل.

٤ – كل اوراق الخدمة و حسابات التقاعد ترسل بشكل دوري الى الموظف قبل احالته الى التقاعد في كل عام من خدمته وتكون بنسختين معه و مع دائرة التقاعد لتكون ادلة دامغة لدى الطرفين تسهل حساب قيمة الراتب.

٥ – معاملة التقاعد سهلة وسريعة و بسيطة للمتقاعد و الموظف و لا تحتاج الى اجور اضافية لتسريعها، ولا تحتاج الى رشوة رغم ان موظفي الدوائر يكاد يكون مستحيلا ان يكونوا مرتشين في الغرب وبالمقابل تجد الرشى موجودة في الشرق فبعد وقت الصلاة والدعاء يعود الموظف ليغلق ابواب الرزق امام الكادحين من المتقاعدين و يسألهم الرشوة لانجاز معاملاتهم.

اهانة المتقاعدين جزاء لخدمتهم

من يشاهد حال المتقاعدين يفهم ان اهانتهم بشكل مباشر وغير مباشر هو ماتقدمه الحكومة كجزاء لخدمتهم الطويلة في دوائرها و التي لا تقل عن ١٠ سنوات او اكثر، تخيلوا حال الابناء عندما يشاهد والده او والدته وهو يخرج من الصباح باضبارته السميكة المليئة بالاوراق و الهويات الى دائرة التقاعد ليعود عند الرابعة عصرا و هو “باسوء حالة نفسية و جسدية” فقط ليحصل على حقوقه من الدولة التي خدمها، فكيف ستكون الصورة الذهنية و النمطية للابناء عن الدولة و عن الحكومة !

هل سيفكرون ان الدولة او الحكومة تحترم و تقدر بشكل وجداني المتقاعدين بعد الخدمة الطويلة ! او انها تستحق التضحية بسنوات العمر و الجهد لخدمتها ! او ان نهاية هذه الخدمة ستكون الحقوق المالية متوفرة بسهولة وسلاسة كونها حق المتقاعد !

اسئلة كثيرة لدى ابناء المتقاعدين جوابها “لن نخدم العراق مادام المتقاعدون مهانون”.

الإعلان

نُشر بواسطة husamaltaee

News anchor and a presenter in Television

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: