اصعب سفرة بحياتي… كل وسائل النقل لعبور القارة

منذ عام ٢٠١٦ وانا اسافر كل ٦ اشهر عبر القارات من امريكا الى الاردن و بريطانيا و غيرها من الدول حيث اعتدت السفر الطويل وصارت خبراتي واسعة فيه، حتى عندما اغلق العالم ابوابة في زمن “فايروس كورونا” كنت اسافر بين الاردن و الولايات المتحدة و بريطانيا ولم اتوقف، و رغم الاجراءات و تحضيرات الاستثنائية المطلوبة قبل الوصول الى الطائرة و الدخول الى الدولة الاخرى، الا ان جميع السفرات لم تكن اصعب من تجربة سفر يوم

“٢١ -١٠ – ٢٠٢٢” من بريطانيا الى الولايات المتحدة وهنا تبدا الاحداث.

سفرة طويلة صعبة مرهقة

يوم ٢١ -١٠ بدات اجازتي من عملي كمذيع اخبار و مقدم برامج سياسية، انطلقت بمعنويات وطاقات عالية لرحلة من المفترض اني اعرفها، لكن هذه المرة كانت مختلفة لان الطيران المتوفر و الاسعار المناسبة كانت باوقات حرجة جدا لم اعتدها سابقا اما الاوقات المناسبة كانت اعلى بما يعادل ٣ اضعاف سعر التذكرة، لذلك قررت اخذ رحلات الاوقات الحرجة وقد سببت معضلات حسابية كبيرة وهي

المعضلة الاولى: طريق الثعالب والباص

وقت الرحلة : الطائرة تنطلق عند الساعة الـ ٨ صباحا.

التخطيط: يجب ان اصل المطار عند الساعة الـ٥ فجرا.

المعضلة: اول قطار ينطلق الى المطار من محطة “همرسمث وسط لندن” عند الساعة ٥:٣٠ صباحا وعند حساب وقت الرحلة و الوصول الى المطار تكون الساعة ٥:٥٥ وهذا تاخير كبير فهناك احتمالية عدم لحاقي بالطائرة.

اما تاجير السيارة للذهاب الى المطار فعند بعد الساعة ١٢ ليلا تكون الاسعار مضاعفة ٣ مرات فهي لا تقل عن ٧٠ دولار بالوقت الذي تكون فيه اجرة القطار ٧ دولارات.

الخسائر في حالة عدم اللحاق بالرحلة: خسارة حجز الفندق في وعدم ارجاع مبلغ الحجز لان الحجز لايشمل خدمة ارجاع المبلغ وذلك لتقليل تكلفة الحجز فالحجوزات المستردة تكون اعلى بالسعر.

الخسارة الاكبر في غلاء سعر التذكرة لحجز رحلة جديدة نظرا لقلة الرحلات المتجهة الى نيويورك في شهر ١٠ و ضيق الوقت “حجز طائرة بمدة اقل من اسبوعين يجعل سعراها عالي جدا”.

الحل: الانطلاق من البيت عند الساعة ٢ ليلا وانتظار باص المطار الذي ينطلق عند الساعة ٣ ليلا و باجرة ٥ دولار ويصل الى المطار بعد ساعة من انطلاقه من محطة همرسمث وسط لندن

التطبيق: عند خروجي في الساعة ٢ ليلا والسير الى المحطة كانت درجات الحرار منخفضة جدا والاغرب كانت الثعالب منتشرة في الشوارع حيث تتواجد في المنتزهات الكبيرة وسط لندن و تعتاش على بقايا الطعام من المطاعم، تفاجات من اعدادها وخشيت هجومها لكنني اعرف ان الثعلب يخشى الانسان

تطبيق الحلول ومواجهة المشاكل

المشكلة الاولى: عند وصولي الى محطة همرسمث وسط لندن تفاجات بان الباص يصل كل ساعتين وليس كل ساعة “كما قرأت بالتعليمات” بالتالي يصل الباص عند الساعة ٤ فجرا وليس الساعة ٣ فتكون ساعة الوصول ٥ فجرا لان طريق الباص هو ساعة، لم تنته المفاجاة هنا فقد وصل الباص الساعة ٤:٣٠ صباحا بتاخير ٣٠ دقيقة وقد عرفت من الموظف المسؤول ان الباص يعمل ٢٤ ساعة لذلك يتاخر بشكل دوري عن مواعيده خاصة بالفترة المسائية، وعند حساب الوقت الوصول الى المطار بافضل الاحوال تكون الساعة ٥:٣٠ اي بتاخير ٣٠ دقيقة وهو احتمال خطير قد يؤدي الى عدم اللحاق بالطائرة و خسارة حجز الفندق و البدء بحجز جديد اغلى بالسعر.

المشكلة الثانية: قررت ان اراجع اسعار سيارات الاجرى وقد وجدت انها تصل الى ٨٠ دولار عند الساعة ٥ فجرا وتوفر سائق بهذه الساعة لايكون سريع فقد يصل الى ٣٠ دقيقة.

اثر هذه الحسابات و المشاكل السريعة قررت ركوب الباص متاملا ان يصل بوقت سريع ليس كما اظهرت حسابات خرائط جوجل بانه يصل الساعة ٥:٣٠ فقد يكون اسرع خاصة وان هذا الوقت ليس فيه عدد كبير من الركاب.

المشكلة الثالثة: اثناء رحلة الباص اكتشفت انه من اكثر الخطوط اكتظاظ فهو يسير على خط عودة اكثر الموظفين الخفر الى بيوتهم بل قد صمم لهذا الامر والاهم انه يتوقف عند “٤٧ نقطة توقف” بمعدل نقطة كل كليومتر، وعند حساب المسافة مع برنامج خرائط جوجل اكتشفت انني ساصل عند الساعة ٦:٢٠ دقيقة في افضل الاحوال اي عدم اللحاق بالطائرة اصبح مؤكدا، لذلك قررت ان اترجل من الباص واستاجر سيارة تكسي وكنت محظوظا نظرا لتوافره في تلك المنطقة التي وصلت لها وهي نصف الطريق الى مطار هثرو.

المعضلة الثانية: الانتظار في الجناح الصغير جدا

عند وصولي الى مطار هثيرو ولحاقي بالطائرة توجت الى مطار لشبونة في البرتغال بعد ساعتين من الطيران ومن هناك ننطلق الى نيويورك برحلة ٦ ساعات ونصف، لكنني اكتشفت خطائي متاخر بان الواقع مدة الانتظار ٦ ساعات ونصف وان الرحلة الى نيويورك كانت ٩ ساعات، انزعجت لكنني تماشيت مع سوء الحظ، في مطار لشبونة خرجنا الى الجناح المخصص للمسافرين وكان “الرقم واحد” وقد قررت التجوال في المطار كي تمر الـ٦ ساعات انتظار، لكن تبينت لاحقا ان الجناح رقم واحد هو اصغر جزء في المطار ولا يمكن الذهاب الى الاجزاء الاخرى فهي مغلقة تماما على القادمين الى الجناح واحد، لا يحتوي الا على عدد ضئيل من المحلات اما الكافيهات فهم ٢ فقط وليست متميزة، كما ان الانترنت ضعيف جدا، وكان يتوجب علي ان ابقى في هذا القسم الصغير ٦ ساعات ونصف انتظر طائراتي.

حل بالصدفة

ولحسن الحظ انقذني خلال جلوسي بالجزء الصغير من مطار لشبونة وجود حلقات وثائقية كنت قد حملتها سابقا على الايباد تعادل ٥ ساعات مشاهدة فكانت حل رائع لفترة الانتظارالطويلة.

المعضلة الثالثة: الطريق الصعب قصير طويل

بعد رحلة عبور المحيط الاطلسي التي استغرقت ٩ ساعات تقريبا هبطت بمطار نيويورك وخرجت لاتوجه الى فندقي “سكاي لاند” وقد قررت ان اطلب سيارة اجرة لكنني تفاجات بان تكلفة الرحلة ٢٠٠ دولار اما وقت الوصول فهو ٢٥ دقيقة فقط، عليه قررت ان استخدم وسائل النقل العام، استعنت بخرائط جوجل لتظهر بان طريقي سيستغرق ساعة وربع وهي مدة صعبة على من سافر ٩ ساعات و انتظر ٦ ساعات ونصف و قد خرج اصلا عند الساعة ٢ ليلا بتوقيت لندن، لكن قررت الانطلاق، وهنا بدات الرحلة

اولا: انطلقت من بوابة المطار الى محطة القطار المعلق لكنني تفاجات بان محطة القطار المعلق مغلقة، سالت احد العاملين فقال “يجب ان اركب باص المطار لاتوجه الى البوابة الثامنة” لان البوابة التي اقف عليها تم اغلاقه القطار المعلق فيها للصيانة، لذلك توجهت يمينا ويسارا حتى وصلت باص المطار قبل تحركه.

ثانيا: بعد سير ٢٥ دقيقة وصلت باص المطار وسرنا الى محطة القطار المعلق وبعد قراءة الخارطة اخذت القطار الصحيح الذي يتوجه الى منطقة احول منها الى مترو الانفاق، برحلة لمدة ساعة تقريبا الى المحطة المقصودة، ترجلت متجها الى مترو الافناق.

ثالثا: من محطة مترو الانفاق القريبة من مدينة منهاتن انطلقت بسير قارب ٢٠ دقيقة وصلت خلالها الى بوابة المترو لكن تفاجات بانه لا يقبل الدفع المباشر بالبوابة كما في بريطانيا، وعند سؤال موظف المحطة عرفت ان علي العودة لشراء بطاقة لمترو الانفاق، وبعد عملية عسيرة للدفع و شراء البطاقة عدت الى بوابة المترو لادخل و اقرا اي الخطوط المطلوب اخذها للوصول الى وسط مدينة منهاتن، وصل المترو بعد انتظار ١٥ دقيقة و انطلقت برحلة ٤٥ دقيقة لاصل للمحطة المركزية للنقل وسط منهاتن.

رابعا: في المحطة المركزية للنقل بمدينة منهاتن كانت الساعة قاربت ١٢ ليلا، وكان علي اختيار الباص المناسب للوصول الى الفندق في مدينة نيو جيرسي، وقد عرفت من خلال برنامج خرائط جوجل ان اخر رحلة بالباص تنطلق بالساعة ١٢:٣٠ ليلا وان فوتها يتوجب علي ان ادفع ٢٠٠ دولار اجر سيارة تكسي للوصول الى الفند الذي يبعد ١٣ كلم فقط، لذلك انطلقت مسرعا نحو موظف الخدمة للسؤال عن الباص المناسب وكيفية شراء بطاقة الباص، وبعد معرفتي ذهبت لشراء وانطلقت في شبكة من الممرات حتى وصلت نقطة انطلاق الباص وكنت اخر شخص حيث كانت الساعة ١٢:٣٣ ولولا تاخر الباص لكن قد فوته.

خامسا: مرحلة الصبر

انطلق الباص الاخير لكنني عرفت انه يقف في ٣٣ نقطة للنزول و الصعود وان الرحلة تستمر ٤٥ دقيقة، وبعد معاناة مع التوقفات و الشعور بالنعاس و الارهاق و الصداع، وصلت النقطة المطلوبة لانزل قرب الفندق.

سادسا: ليس فندقي

في اخر نقطة توقف للباص نزلت عند الساعة الواحدة ليلا شاهدت فندقي وفرحت جدا بوصولي لانني كنت مرهق جدا، توجهت نحو الفندق واذا بي اكتشف انه ليس فندقي، راجعت خرائط جوجل و اكتشفت ان علي السير ٤٥٠ متر لاصل اليه، عندها سرت وقد وصلت الفندق الساعة ١:٣٠ ليلا وقد خضت طويلا في تفاصيل الدفع و الحجز لاصل للغرفة بعد ٢٠ دقيقة.

الرحلة الاخيرة الى النقطة الاخيرة

بعد يومين من الراحة بمدينة منهاتن الجميلة استمتعت بها كثيرا و لم ابخل على نفسي في فعل كل شيء، جاء وقت الرحيل الى النقطة الاخيرة وهي مدينة سان دييغو التي تقع اقصى الشرق الامريكي، ان المسافة بين لندن ونيويورك نفس المسافة بين نيويورك و سان دييغو تقريبا، لذلك حزمت حقائبي و انطلقت برحلة العودة الطويلة عبر وسائل النقل العام استغرقت ساعتين الى مطار نيويورك خلالها توقفت بميدان تايمز سكوير بالساعة ٢ ليلا وكان مزدحما بالسائحين و الساكنين والحياة لا تتوقف فيه.

توقف خطير

خلال رحلتي الى مطار نيويورك كان علي ان اتوقف و اسير الى مدخل المطار ولا اعرف لماذا اختارت خرائط جوجل ذلك، عندها توقفت وسرت لمدة ٢٣ دقيقة في منطقة قريبة من مطار نيويورك في الساعة ٤ فجرا، ولا يسعني وصف المنطقة المرعبة، فقد كانت مليئة بالمتسولين و السكارى و الاشكال الغريبة ومن خلالهم كنت اسير وحدي و قد قلت في نفسي “ان تعرضت لمشكلة اتبرع بحقيبة الظهر ومحتواها لابقى سالما من شر هؤلاء”.

الوصول الى النهاية

بعد السير الى بوابة المطار و الى بوابة الطائرة والمرور بالتفتيش و الطيران لمدة ٨ ساعات والنزول في مطار سان دييغو كنت قد اتفقت مسبقا مع صديقي العزيز و الاخ “فراس صفوت” الذي جاء بسيارته “التسلا البيضاء السريعة و الجديدة” لاخذي الى المنزل، وبعد رحلة ٢٠ دقيقة وصلت الى بوابة المنزل و انا بحالة تعب شديدة.

خلاصة الرحلة الصعبة

بهذه الرحلة الصعبة والغريبة استخدمت “السيارة و الباص و القطار المعلق و مترو الانفاق و الطائرة و السير على الاقدام” فلم تبقى وسيلة نقل الا واستخدمتها للوصول الى المنزل، كنت قد اختبرت بهذه الرحلة اقصى درجات الجهد الجسدي و الفكري و التنسيقي للسفر من لندن الى سان دييغو كاليفورنيا مرورا بمدينة نيويورك، متكيفا مع اختلاف التوقيت ودرجات الحرارة، خلالها تناولت كل مؤني الغذائية والكثير من الطعام المنوع بالمطارات والطائرات والمدن حتى لم اعد اعرف وجبة الغداء من العشاء، اما النوم فلم يتجاوز ١٢ ساعة متواصلة بل كان بين ٦ الى الى ٣ ساعات فقط.

ورغم انزعاجي من هذه الصعوبات الا انها كانت اجمل مغامرة عشت خلالها كل انواع صعوبات السفر و كانت اختبار جسدي فكري لقدراتي على التنسيق و التحمل و اتخاذ القرار السريع و الصعب في الوقت الحرج، نعم كانت رحلة صعبة جدا لكنها ممتعة و اتمنى ان لا اعيشها مرة اخرى رغم ان تذكرها ممتع.

الإعلان

نُشر بواسطة husamaltaee

News anchor and a presenter in Television

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: