على مدى اعوام طويلة كان اساس الدراسة هو ( حضور الطالب الى القاعة الدراسية ) وهو يعتبر صلب العملية التعليمية في الشرق و الغرب ايضا لكن مع ظهور جائحة كورونا ظهرت رؤية جديدة قد تكون بديل عن الحضور في قاعات الدراسة
البداية من طريقة الدراسة
ان الفرق الكبير بين الدراسة في العالم العربي و الغربي يقع في نقطة جوهرية “العالم العربي يدرس عن طريق التلقين و الحفظ” اما العالم الغربي يتميز في “الدراسة عن طريق البحث و جمع المعلومات و الاستنتاج و النقاش المنطقي”، هذا الفرق بين الطريقة التعليم الشرقية و الغربية جعلت الغرب يتميز في طريقة دراسته فقط ابتعد الطالب الغربي عن “حفظ المادة عن ظهر غيب” بالوقت الطالب الشرقي “خاصة الذي لديه قدرة على الحفظ” يحصل على علامات كاملة لانه ينسخ الموجود في الكتاب بورقة الاجابة اما من لايملك هذه القدرة فتكون اجاباته متواضعة.
التطبيق العملي للدراسة عن بعد ونجاح الدراسة الغربية
خلال جائحة كورونا اعتمدت الكثير من الجامعات الامريكية “الدراسة عن بعد” وقد كانت والدتي تدرس خلال هذه الفترة مع “جامعة كيوماكا” والتي اعتمدت في كثير من موادها “الدراسة عن بعد” وخلال هذه الفترة كنت اراقب طرق التدريس وقد تبينت التالي
١. كانت استاذة المادة تقدم محاضرتها عن طريق البث المباشر لكل الطلبة و هذا الاسلوب كان بديل جيد عن الحضور للطلبة وقد وفر عليهم وقت و جهد “الطريق الى المحاضرة و كل الاستعدادات الاخرى”.
٢. مع نهاية كل محاضرة توجه استاذة المادة الطلبة الى البحث و استكشاف معلومات جديدة عن المادة “كواجب لهم” وبعدها جمع هذه المعلومات يتم دمجها و استخلاص نتيجة منها.
٣. الاهم ان البحث و جمع المعلومات و استخلاص نتائج منها لايمكن “الغش فيه” لان الطالب يحتاج الى قراءة المعلومات و فهمهما وكتابة نتيجة خلاصة منها بالتالي ان لم يكتبها لن يستطيع ان يناقشها وان استعان بشخص يكتب له الخلاصة ستنكشف العملية لانه لا يعرف من اين جاءت المعلومات و لماذا كانت الخلاصة تركز على جانب دون اخر بالتالي يعرف استاذ المادة ان الطالب استعان باخر لكتابة خلاصة الدراسة.
٤. ان الدراسة عن بعد توفر وقت و جهد كبير يتم تحويله على البحث و جمع المعلومات و دراستها و الظهور بنتائج منها وهو اهم اسس الدراسة الذي يعتمد على “الفهم والاستيعاب” وليس “الحفظ” الذي قد ينساه الطالب ولو بعد حين.
٥. اثناء استعراض اجوبة الطلبة يتم اكتشاف معلومات جديدة و غريبة و مميزة لان كل طالب ذهب فيا لبحث الى جانب يختلف عن الاخر بالتالي تم فتح افاق كبيرة و معلومات لم يتطرق لها احد مسبقا تسهم في فائدة الجميع فمن ذهب على سبيل المثال للبحث في مصادر علمية اوروبية سيجد نتائج تختلف عن من بحث في مصادر لامريكا الجنوبية او يابانية او هندية لذلك تتكشف معلومات رائعة للجميع.
٦. خلاصات النتائج للبحث و الاستكشاف للطلبة يمكن استخدامها من قبل نفس استاذ المادة لتكون مادة جديدة اكثر حداثة و تميز تفيد طلبة اخرين بل قد تدرس ايضا ضمن المادة لانها نتيجة لبحث ٢٠ او ٣٠ طالب درسوا هذه المادية سابقا، لذلك نلاحظ ان المواد التدريسية في العالم الغربي تتطور و يضاف لها معلومات مميزة و محدثة بشكل دوري، و السبب ادخال بحوث الطلبة في مواد التدريس.
٧. الدراسة الالكترونية اكثر شفافية من الدراسة العادية والسبب ان المادة يمكن فحصها عن طريق برامج تكشف ان كانت منسوخة من مصادر بشكل مباشر دون تعديل، ماهي نسبة التعديل عليها، مدة اعدادها كم استغرقت، سرعة ارسال اجابات الواجبات و امكانية الاطلاع عليها من قبل اكثر من استاذ، ارشفة الاجابات للطلبة و اعداد جدول بياني منها، وغيرها الكثير من الامكانيات التي تسهل العملية التعليمية للطالب و الاستاذ و الجامعة.
٨. مشاركة جميع الطلبة الحضرين في الدراسة الالكترونية بنقاش الدرس ففي قاعة المحاضرة قد يتهرب الطالب من المشاركة لكن في الدراسة الالكترونية لايمكن لان برنامج الدراسة يدور على كل الطلبة، كل واحد فيهم ينتظر دوره ليشارك بالتالي الزامية المشاركة في الدرس.
٩. الدراسة الالكترونية المعتمدة على البحث واستكشاف المعلومات تخرج طلبة “مفكرين، باحثين، منطقيين” لديهم القدرة على استخلاص معلومات من مصادر متعددة وجمعها وفهمها، عكس الدراسة الحضورية التلقينية التي يعتمد فيها الطالب على الكتاب فقط وما ان حفظ الكتاب يضمن نجاحه بدرجة عالية.
١٠. وقت المحاضرة الالكترونية اكثر تركيز لانه لايحتاج الى اعداد مسبق لادوات التدريس كما هو حال المحاضرة، فعند بداية الدرس يكون الجميع قد تحضر مسبقا في “الجلوس، و الاستماع، وغيرها من امور” تجعل الطالب مهيئة مسبقا للدراسة، لذلك يتم الانتهاء من المادة الدراسية بوقت قصير وبتركيز كبير.
النقاط المذكورة لاحظتها شخصيا خلال عام من الاغلاق بسبب جائحة كورونا حيث كانت والدتي تبذل جهدا كبيرا في البحث و الاطلاع و قد كنت استمع و اراقب العملية التدريسية، حتى ان جهود الطلبة المبذولة للدراسة عن بعد اعلى من الجهود المبذولة في الحضور بالقاعات الدراسية.
هل تنتهي الدراسة الحضورية
ان للدراسة الحضورية فوائد كبيرة ايضا خاصة من ناحية تغيير المزاج و العلاقات و التعارف وحتى تجاريا فيها فوائد كبيرة للشركات التي تستثمر في الجامعات، بالتالي لا اعتقد ان الدراسة الحضورية ستنتهي تماما خلال المستقبل القريب لكن قد تنخفض نسبة الطلبة الحاضرين فيها بشكل كبير خاصة بعد اختبار فوائد الدراسة عن بعد و توفيرها للكثير من الوقت و الجهد.
الدراسة عن بعد
الدراسة عن بعد نالت اعجاب الكثيرين وقد تعودوا عليها وعلى سهولتها وسرعتها وتركيزها وقد ظهر جيل محب لهذا النوع من الدراسة، و خلال جائحة كورونا تطورت الدراسة عن بعد الى درجة ان نسبة الجامعات الامريكية التي تدرس عن بعد ازدادت، وحتى المواد التي تدرس حضوريا تقدم جانب للدراسة عن بعد كخيار اضافي، فهل نشهد في المستقبل تحول جذري لاسلوب الدراسة وتصبح الجامعات الالكترونية اكثر انتشار وسهولة و موثوقية من الجامعات الحضورية التي قد ينظر لها في المستقبل كجامعات من الزمن القديم.