المذيع بين الاعلام القديم و الحديث
مع تغير الاعلام و تحوله الى اعلام عالمي عابر للحدود، صار التدفق الاخباري سريع ومتواصل حتى اصبحت اقل الاحداث اهمية وابعدها عنا جغرافيا مهمة ومادة تستحق المتابعة، لم يعد شيء غير مهم في عالم الاعلام الحديث.
هذا الامر يشكل ضغطا شديدا على مذيعي الاعلام الحديث، فلم تعد الثقافة التي جمعها المذيع خلال حياته كافية لتدارك مايحدث في كل العالم، ولن تكفي الكتب والدراسات والمعلومات التي اطلع عليها كل يوم لتواكب تغطية الاعلام لكل احداث العالم، فالاحداث تتزايد كلما تطورت وسائل الاعلام في التغطية والمتابعة.
ومن مشاكل التطور الاعلامي هو جعل مذيعي الاعلام الحديث بعض الاحيان يقعون في الاخطاء اللغوية واللفظية والالقائية من ناحية قراءة النص الاخباري واعرابه ولفظه، او قد يظهر عليهم التلكؤ في قراءة الخبر، وقد نشاهد ان ملامحهم في بعض الاحيان تبدوا كمن تفاجا بحدث لم يتوقعه، وذلك بسبب شمولية الاخبار وتنوعها و وصولها لاماكن ودول وشخصيات قد لايتوقعها احد.
بالمقابل المراقبون للشاشة واساتذة الاعلام والعاملون بالاعلام ينتقدون مذيعي الاخبار ويتهمونهم بنقص الخبرة اللغوية وعدم الاعداد التام وعدم الثقافة، لانهم يشاهدون اخطاء المذيع اللغوية واللفظية او العثمة في النطق غير مدركين ان سرعة وشمولية الاخبار جعلت من الصعوبة تدارك النص لغويا.
كما وان البعض يقارنون بمذيع الاخبار القديم، الذي كان يغطي اخبار الدولة بنسبة ٩٠٪ و ١٠٪ للاخبار العربية والدولية، ففي الاعلام القديم كان دسك التحرير ياخذ مايقرب من ساعتين او اكثر للخروج بنشرة اخبار بعد مرورها على التدقيق اللغوي والرقابة السياسية وتدقيقهامن قبل المذيع لمدة ٤٥ دقيقة او اكثر، اما عدد الاخبار فهو محدود، لايتعدى عدد الاخبار خلال اليوم الواحد الـ ٥٠ خبر، خاصة وان نسبة كبيرة منها تحمل نفس المضمون لانها محلية، اما العربي والدولي فهو محدود وللمذيع الوقت الكافي ليقرأها على مهل.
كل ذلك بدون اخبار عاجلة او تحديث مباشر على النشرة باضافة اخبار جديدة، و دون ضيوف عبر الهاتف او الاقمار الصناعية، بالتالي نستطيع القول ان مذيعي الاعلام القديم كانوا مسيطرين على الاخبار وان تم تحديثها لانه تدور في نفس المحور، كما ان ثقافتهم العامة تكون كبيرة مقارنة بما يعملون عليه من مواضيع اخبارية لان اكثرها محلي وقليل منها عربي دولي ولاتشمل الا ماهو ومهم.
ايضا مدرسة الالقاء الاخباري الحديثة اصعب فهي تحتاج الى لغة جسد مع كل خبر و ايماءات وجه وتركيز متعدد بتحريك الة الاوتوكيو و تحويل الورق والانتباه للخبر العاجل والتحضير المباشر للضيف على الهواء مباشرة، اما المدرسة الاعلامية القديمة فهي لا تحتاج لكل ذلك فالمذيع يكتفي بقراءة النص من ورقة مدققة لغوية وقد اطلع عليها قبل ٤٥ دقيقة او اكثر مع عدم ضرورة التفاعل مع الخبر بلغة الجسد وايماءات الوجه.
نستنتج انه لايمكن المقارنة بين مذيعي الماضي والحاضر، فهذا لم يعد ممكننا في الاعلام الحديث الذي يغطي العالم باخباره وتغطياته وسرعة نقله للاحداث، بل انه يحدث الاخبار خلال النشرة الاخبارية، فتخيلوا كيف يمكن للمذيع ان يقرا ويعرب خبر مثل ( التقى الرئيس اليوناني هوپروكوپيس پاڤلوپولوس بشي جين بينغ الرئيس الصيني ليبحثوا قضية جمهورية كيريباتي) او اعلان الحكومة اليابانية التي ( تضم وزير الخارجية كاتسويا أوكادا ووزير الدفاع توشيمي كيتازاوا ووزير النقل سيجي ماييهارا) مهما كانت قدرة المذيع اللغوية لن يستطيع لفظ الكلمات بشكل صحيح، ومهما كانت ثقافته لن يعرف عاصمة جمهورية كيريباتي باللحظة، لذلك هناك فرق بين مذيعي الماضي الذين يعملون ضمن مجال عمل اضيق من مذيعي الحاضر الذين يغطون اخبار العالم.