من الرائع ان نتجول بين القبور ونشاهد المدافن العائلية ونشرب القهوة بين الموتى ونذهب بجولة سياحية الى المقبرة !!!.
كلام غريب ومجنون صحيح… لكنه صحيح… ان الذهاب الى المقبرة للسياحة والتجول بين القبور ممتع، انها الفكرة الحديثة للمقبرة السياحية.
مقبرة Highgate cemetry وسط لندن يجتمع السائحون بكثافة لدفع مبلغ ١٠ باون والدخول الى الجزء الغربي والشرقي من مقبرة عمرها مئات الاعوام لمشاهدة القبور، لكن ليست اي قبور بل انها تحف فنية لاناس حقيقيين من الحقبة الفكتورية “عندما كانت بريطانيا امبراطورية” حيث صمموا تماثيل رائعة على قبورهم، او وضعوا شاهد قبر يتحدث عن تاريخ الميت وانجازاته، وهناك عوائل كاملة دفنت في غرف مغلقة لا يدخلها الا احفادهم لكن واجهاتها تحمل تاريخ العائلة واسماء المدفونين، كل ذلك كون لوحة فنية رائعة، جعل مقبرة الاموات تجذب الاحياء.






مقبرة المشاهير
اللافت ان هناك اكثر من ( شخصية مشهورة ) قد دفنت في هذه المقبر، اشهرهم “المفكر كارل ماركس” بقبره وتمثال وجهه الكبير الذي يجذب الكثير من السائحين وايضا الشيوعيين الذين مازالوا يضعون الورود على قبره ويؤمنون بافكاره.
كذلك المغني العالمي “جورج مايكل” الذي اشتهرت اغانيه حول العالم وقد وصلت مبيعاته الى اكثر من ١٠٠ مليون كاسيت حول العالم ومازالت الى حد الان لها صدى رائع.
وشخصيات اخرى لها دور في مجالات منوعة مثل الاقتصاد والسياسة والاجتماع وغيرها الكثير فهي تستحق اسم “مقبرة المشاهير“.



الاسثمار في المقبرة
بعد دفن الكثير من المشاهير فيها، جاءت الفكرة في جعلها مشروع تجاري، وكنت اتمنى ان اجد صاحب هذه الفكرة الرائعة والمبتكرة، فهو بحق يستحق الثناء، فبدل نسيان المقبرة بشخصياتها، وتركها لتتحول الى خراب، تم استثمارها، بطاقة بعشرة باونات للفرد هو ثمن بطاقة الدخول، فاذا زار المقبرة في اليوم الواحد على سبيل المثال ١٠٠ شخص يكون الربح “الف باون“، وان افترضنا ان كل يوم يزورها نفس العدد لشهر كامل ٣٠ يوم، يعني ان المقبرة ربحت ٣٠ الف باون بالشهر، وفي السنة ٣٦٠ الف باون اي اكثر من ربع مليون باون.
وبحسب ماشاهدت خلال زيارتي للمقبرة عند الساعة ١ ظهرا يوم الاثنين “وهو يوم عمل“، فان عدد الزوار في اليوم الذي زرتها وخلال الساعة كان اكثر من ٦٠ زائر، ولا اعرف كم زائر جاء منذ فتح ابوابها عند الساعة ١٠ صباحا الى الساعة ٥ عصرا، ولا اعرف عدد الزوار في ايام العطل وغيرها من مناسبات، لكن استطيع ان اقول ان المقبرة تحضى باكثر من ٢٠٠ زائر يوميا.
ولا اعتبر كلا المبلغ هو ربح، فهناك مصاريف للموظفين والصيانة والترويج التجاري وطباعة الخرائط وغيرها لكن مع كل هذه المصاريف استمرار المقبرة وتطورها يعني انها مشروع ناجح.
بالاضافة الى ان للمقبرة متبرعين من محبيها، يدفعون المال تبرعا لاستمرار هذا المشروع الجميل “المقبرة السياحية” فكم شخص في عالمنا يستطيع ان يتبرع لمقبرة لتكون سياحية وجميلة.
دفن الموتى عمل مربح
بعد شهرة المقبرة عالميا فتحت ابوابها للدفن مرة اخرى، لكن باسعار غالية، فتحول الدفن فيها الى “عمل فني” يحضى به الاغنياء والمشاهير واصحاب النفوذ، لتكون مثل “نادي الاغنياء والمشاهير الموتى” التي تجمعهم في مكان واحد، يجذبون الاحياء الاغنياء والمشاهير الذين شارفوا على الموت ويجذبون الاحياء الباحثين عن السياحة والراحة النفسية والمناظر الجميلة.
مقبرة المشاهير والاغنياء السياحية لها موقع الكتروني رائع يظاهي مواقع الكترونية اخرى، فالوانه حيوية تعيد الروح الى الجسد، وتنظيمه رائع، مع توفر ايميل وارقام هواتف للتواصل وكافة المعلومات الاخرى التي يود معرفتها السائح او الذي يشرف على الموت قريبا، وهذا بحد ذاته فكر متميز وابداعي، ان تضع للمقبرة موقع الكتروني احترافي منافس يجذب الاحياء لزيارة الاموات.
افكار حية في مكانات الموتى
شخصيا اعجبت بهذه الفكرة الرائعة ان تخصص مقبرة للمشاهير وان تكون سياحية عالمية ولها بطاقات دخول باسعار مناسبة تحول المقبرة من مساحة مخيفة مقفرة الى مشروع سياحي نشط نجد فيه شخصيات تاريخية غيرت العالم وبنفس الوقت مورد مالي جديد لصيانة المقبرة ولتطوير مشاريع اخرى حيث تدعم الكثير من المشاريع الاخرى، وفي الختام اقول تخيلوا ان الموتى يدعمون ماليا مشاريع الاحياء، هذا هو الذكاء والابتكار في تجديد الفكر واكتشاف اساليب سياحية جديدة.
لمشاهدة الرحلة على ال Instagram كاملا اضغط هنا
