‏قصصي في الحياة

‏حياة الإنسان قصة يجب تدوينها لتكون عبرة و خبرة للآخرين

‏كل إنسان يمرنا بقصة لها تأثير كبير في عقله ومشاعره وروحه و طريقه في الحياة، فهناك قصص تغير قدر الإنسان بشكل غير متوقع، وتقوده نحو طرق ومواقع ومواقف لن ولم يكن يتصورها

وانا ادون قصصي التي غيرت مجرى حياتي لتكون عبرة وتجربة و خبرة للاخرين ومعرفة للاخرين عني وما مررت به لاكون نفسي واصل الى لهدفي وقدري في الحياة

موسيقى الصفحة – Fire, Then Nothing by Da Sein

٤ نساء فاضلات احبهن دوما

اربع نساء في حياتي احبهن ولهن فضل كبير في عملي بعالم الاعلام، بدايات الطريق الاعلامي وضعتها النساء، فكنت محظوظ بهن ومعهن .

ب: هو رمز لصديقة عزيزة جدا قادمة من بغداد تعرفت عليها في الاردن وكانت ضمن مجموعة اصدقاء تميزت “بالذكاء والجد والقدرة على العمل باصعب الظروف وتحقيق الاهداف مهما كانت الصعوبات”، وخلال جولاتنا مع الاصدقاء اعطتني الكثير من النصائح وشجعتني كثيرا على تحقيق اهدافي بشكل عام و ان اكون مميزا وناجحا

ففي عام ٢٠٠٨ بدأت بالدراسة بعد انقطاع ٤ سنوات وكان لتشجيعها دور كبير في عودتي و بذل اقصى الجهود للنجاح، وقبل التخرج بسنوات شجعتني لان اجد عمل في اختصاصي وان اكمل درجة الماجستير ايضا وان اتحدى كل الظروف الصعبة، هذه المرأة لها “الفضل الكبير” في نجاحي الحالي.


الاعلامية وجدان العاني: مذيعة جميلة ايجابية مبدعة في مجالها من جيل “اعلاميي الاردن” الذين بدأ مشوارهم الاعلامي خارج العراق، عملت في قناة البابلية وتدربت على يد خبراء وانتقلت لقناة التغيير.

تعرفت على وجدان خلال زيارتي لقناة التغيير صدفة وقد اعجبت باداءها وثقتها العالية امام الكاميرا حتى انني “حسدتها” على ذلك، بعد النشرة تعرفت عليها وقلت لها “ريد اصير مذيع” عندها ضحكت لان طلبي كان مباشر وبشكل “عنيف” فوافقت وهي التي اخذت بيدي بعد ايام وادخلتني لقناة التغيير لتكون اولى .خطواتي بالاعلام

كما بدأت وجدان بتدريبي في ستوديو القناة على التقديم الاخباري واستخدام جهاز القراءة ولغة الجسد و اختيار الزاوية و النظرة المناسبة امام الكاميرا وطرق الحديث مع الضيف و معالجة المواقف الصعبة خلال النشرة بالاضافة الى ملاحظات عامة اخرى تركز على الاداء الاخباري، وكانت تسدي لي النصائح دوما عن الاداء الاخباري حيث ساهمت بتطور ادائي الاعلامي بشكل سريع.

بعد مدة من العمل في قناة التغيير، جاء امر بالاستغناء عن خدماتي ولم يمر سوى ٣٠ يوم على عملي، وقد كانت صدمة للكادر ولي ايضا، هنا تدخلت وجدان لمعرفة الاسباب لتظهر ان سوء فهم حدث من الادارة تجاهي، فعالجت الموقف وابلغتني بامكانية عودتي للعمل.

عام ٢٠١٦ بعد هجرتي للولايات المتحدة، اتصلت بي وجدان وكنت قد انتقلت الى قناة دجلة وبعدها هاجرت، فاتصلت وقالت لي “انت وين” قلت في امريكا فقالت “تركب طيارة وتجي انت مذيع بقناة الحدث” وكانت هذه مفاجأ منتصف الليل لان توقيت ولاية كاليفورنيا الامريكية عكس الاردن، عندها عدت للاردن لابدأ .مسيرتي كمذيع بقناة الحدث لثلاث سنوات اخرى بفضلها


الاعلامية الكبيرة سحر الاصيل: من اشهر مذيعات العراق الرائدات، ومن الجيل الذهبي للتلفزيون العراقي قبل عام ٢٠٠٣، لها سمعة وتاثير وكاريزما رائعة على الجمهور العراقي وفي العمل.

التقيت اول مرة بالاعلامية الكبيرة سحر في الطابق الثاني بقناة التغيير بعد انتهاء نشرة الاخبار حيث جاءت بنفسها وقالت “انت تملك كاريزما رائعة جدا على الشاشة وشكلك مميز لكن تحتاج الى تحسين الالقاء”، واعتقد انني محظوظ لانها جاءت لتقول هذه النصحية لي وقالت “اكدر اساعدك حتى تتطور اكثر”، بعدها بدأت دورة مكثفة معها على “اللغة العربية” و “فن الالقاء الاخباري” المتمثل بالتلوين و التقطيع والتشديد على الكلمات، بالاضافة الى مواضيع تخصصية اعلامية.

الاعلامية سحر اعطتني خبراتها ومعرفتها من الدورات و ورشات العمل التي حصلت عليها ايام تلفزيون العراق حيث كان يقدم دورات متخصصة بشكل دوري للمذيعين باشراف خبراء من كل انحاء العالم، حتى انني لم استوعبها الا بعد مدة من الزمن، فكثافة المعلومات تطلبت وقت لاستيعابها.

كما اشتركت مع الاعلامية سحر في تقديم موجز النشرة الاقتصادية خلال حصاد قناة التغيير الاخباري وقد كانت تراقب ادائي خلاله وخلال النشرات الاقتصادية التي اقدمها وتقول وترسل لي ملاحظاتها بالاخص عن اللغة وطريقة الالقاء لان الالقاء الاخباري بشكل عام تطور مع انتهاء دورات الاعلامية وجدان العاني، بالتالي ركزت الاعلامية سحر على جوهر الاخبار وهو طريقة الالقاء، فكان لها فضل كبير بمسيرتي الاعلامية.


الاعلامية لميس الكعبي: مقدمة برامج و مذيعة راديو و رئيس تحرير مجلة الشبيبة في سلطنة عُمان، عملت لسنوات في مجال الصحافة و الاعلام وعضو نقابة الصحفيين العمانية، تميزت الاعلامية لميس بعلاقاتها وتاثيرها في الوسط الاعلامي.

عام ٢٠١٧ تعرفت على الاعلامية لميس الكعبي من خلال تويتر، وبقينا على تواصل مستمر، وتحول التعارف الى صداقة عميقة، وكان لها الفضل الكبير في موقف واحد لكنه غير مجرى حياتي بشكل هائل، فخلال عملي بواحدة من القنوات التي عانت من مشاكل كثيرة، لذلك فكرت في ان انتقل الى قناة اخرى لكن الفرص لم تكن متاحة، بالاضافة الى انني واجهت مشاكل مالية ذلك الوقت بسبب عدم استقرار القناة في صرف الرواتب، بشكل عام كان الوضع مأساويا.

ومع سوء الاوضاع وخلال يوم بائس جدا كنت اتكلم مع الاعلامية لميس المقيمة في سلطنة عمان بعد عودتي من الولايات المتحدة الى الاردن وتحدثنا عن وضع الاعلام وقد قلت لها “وضع القناة سيء جدا وافكر بالانتقال لكن ماكو فرص” عندها قالت “تدري اليوم احد مدراء القنوات سألني اذا كنت اعرف مذيع بخبرة عالية ! هنا كانت الصدمة الاعلامية لميس في سلطنة عمان وانا في الاردن هل من المعقول ان تسهم في ايجاد فرصة عمل لي بهذا البعد !.

سألتها “انت متاكدة يريدون مذيع واكو فرصة عمل!” قالت نعم وسأتصل واعود لك، اجرت اتصالاتها وبعد ساعات فقط عادت وقالت “السي في مالتك وين ارسلة واتس اب” ارسلته مباشرة وبعد ايام اتصل بي احد المدراء بعد ان اطلع على سيرتي المهنية ليجري معي مقابلة عمل حيث قال “احنة رايدين مذيعين احترافيين وعدهم خبرة وشفنة سيرتك ممتازة” وبعد المقابلة تم قبولي في القناة حيث تحسنت اموري المادية و النفسية كثيرا بل واضيفت لي خبرة هائلة.

الاعلامية لميس كان لها دور في جمع كل خبراتي عندما كنت في وضع سيء مع قناة تنهار يوميا ولا يوجد امل في ايجاد عمل جديد، تدخلت هي وخلال ايام قامت بتوظيفي بقناة كبيرة، والاهم انها لم تكن “واسطة” والتي تعني ان يتوظف شخص لايملك المؤهلات في وظيفة لايستحقها، بل كان دورها “اختياري” بوظيفة صعبة تتطلب خبرة واسعة.

مع والدتي العزيزة

امي اول من وجهني ونصحني لدراسة الصحافة و الاعلام بعد فشل طويل

اختيار التخصص الدراسي الجامعي الذي يناسبك وتحبه يغير مستقبلك نحو الافضل، هذه القاعة صحيحة و فعالة وقد جربتها شخصيا، بعد عام ٢٠٠٣ بدأت بالدراسة الجامعية في كلية الادارة والاقتصاد جامعة بغداد بمنطقة الوزيرية القريبة من منزلنا، كنت احب هذا القسم لكن سرعان ما تحول الشغف الى ملل،ولم استطع الاستمرار بهذا القسم لانه واثناء دخولي الى الجامعة اغلقت القوات الامنية بوابة الجامعة بعد ورود معلومة بوجود عبوة ناسفة وبالفعل تم اكتشافها و ابطالها فكانت هذه حجتي لترك القسم.

انتقلت الى جامعة التراث الاهلية في حي المنصور الراقي وسط بغداد لادرس نفس التخصص “ادارة الاعمال”، اجواء الجامعة كانت رائعة وصاخبة رغم احداث ٢٠٠٣ وما تبعها من عشوائية لكن بعض الجامعات والاماكن كانت محافظة على نظامها وعالمها الراقي قبل الاحتلال، عدت للدراسة ولكن بسبب الازدحامات المستمرة وعدم الاستقرار الامني، اصابتني حالة “كراهية القسم والدراسة الجامعية بشكل عام” ولا اعرف لماذا قد يكون لاحداث عام ٢٠٠٣ دور في ذلك لكن قررت ان اترك الدراسة، وقد جاءت الحجة المناسبة بعد ان وردنا تهديد بالقتل في باب المنزل عام ٢٠٠٤ لننتقل بعدها الى الاردن.

من عام ٢٠٠٤ الى ٢٠٠٨ شاركت في العديد من الدورات عن الحاسوب وعن التصميم و غيرها لكن الغريب في الامر انني لم اجد نفسي فيها على الرغم من بذلي جهود مضنية وكنت احقق الفائدة المرجوة من الدورة لكن بعد فترة اشعر انه ليس مكاني، وبعد تشجيع من الصديقة “ب” و الاصدقاء و الاهل قررت بعد مرور ٤ سنوات من العودة الى الدراسة لكن هذه المرة في قسم “التصميم الجرافيكي” والذي كان من ارقى الاقسام في جامعة البترا، فكانت النساء فيه اكثر من الرجال “وهو سبب مهم للتسجيل في هذا القسم” بالاضافة الى ساعات الدوام المتنوعة و المرنة والاهم “الموهبة التي امتلكها الرسم” وهي موهبة عائلية بالتالي شجعتني هذه العوامل على دخول القسم، لكن بعد ٤ اشهر من الدوام فشلت فشلا ذريعا وكبيرا جدا بالاستمرار و تحقيق ادنى النتائج للنجاح فقد كانت علاماتي “رسوب دائما”.

بطبيعتي كنت ولازلت شخص اجتماعي ومتكلم ومتفاعل مع الجميع ولدي القدرة على التعامل مع كل الشخصيات، اول من لاحظة هذه القدرات هي “امي العزيزة” وكانت قد رأت ان افضل قسم دراسي لي هو الصحافة و الاعلام، ورغم ان هذه القسم لم يكن معروف بشكل واسع ولم تكن فرص العمل فيه واضحة او متوفرة مقارنة بكل الاقسام، نصحتني بان اتجه للصحافة و الاعلام قبل التصميم الجرافيكي لكنني لم اصغ اليها، وبعد فشلي كنت في مفترق طرق اما ترك الدراسة مرة اخرى او ايجاد قسم جديد، هنا دخلت والدتي على الخط مرة ثانية لكن بالحاح و اصرار كبير بان اتجه لقسم الصحافة و الاعلام مباشرة، وبعد تفكير طويل وبطئ اتجهت الى قسم الصحافة و الاعلام متاخرا جدا لاجد ان القبول و التسجيل اغلق منذ اسبوع ولا توجد مواد دراسية، وهنا تدخل رئيس قسم الصحافة و الاعلام الدكتور تيسير ابو عرجة لينقذ الموقف ويوفر لي مقد دراسي.

بالنهاية لولا دور امي ورايها السديد في توجيهي نحو قسم لم اكن افكر به يوما ولم يكن معروفا بشكل واسع في عام ٢٠٠٨ لما كنت اعمل اليوم في مجال الاعلام الذي فتح لي ابواب السفر و الشهرة و المردود المادي.

مع الاستاذ الدكتور تيسير ابو عرجة رئيس قسم الصحافة و الاعلام بجامعة البترا بعد انتهاء مناقشة درجة الماجستير، اخر لقاء وصورة بعد ٦ سنوات من الدراسة

فشل و نصيحة وتشجيع و نجاح

صورتي مع الدكتور تيسير ابو عرجة رئيس قسم الصحافة و الاعلام في جامعة البترا من اروع الصور بحياتي، فهي تمثل عشرة ٦ سنوات في البكلوريوس و الماجستير، وتمثل الانتقال الكبير في حياتي الفشل الى النجاح.

ففي عام ٢٠٠٨ بعد ان استمعت لنصيحة امي في ان اتوجه الى دراسة الصحافة والاعلام ذهبت متاخرا اسبوع للتسجيل فلم اجد اي مادة دراسية متوفرة، عندها قابلت رئيس قسم الصحافة و الاعلام على امل ان يساعدني، وكان اول لقاء لي مع د. تيسير عندها رحب بي والاهم كان له الحكمة و الحنكة و القدرة على قراءة الشخصيات والقدرة على “تحريكها بكلماته من الداخل لتغير من نفسها”، جلست معه وانا احمل “علامات رسوبي في قسم التصميم الجرافيكي” بالاضافة الى تاخري اصلا بالدراسة، فكل المؤشرات تدل على فشلي، لكنه ولا اعرف كيف وافق على مساعدتي “بطلب خاص من رئيس القسم “يتم فتح مقاعد في ٤ مواد”.

وبعد اتمام كل متطلبات التسجيل قال لي د. تيسير ابو عرجة حينها وبلهجة ونظرة اثرت وحركت داخلي روح الاصرار و التحدي و المواضبة

اتمنى ان يكون اداءك الدراسي ونتائجك افضل من هذه العلامات غير الجيدة وان لا اكون نادما على قبولك

اثناء القول كان قد رفع ورقة علاماتي غير الجيدة وبنظرة تدل على انني يجب ان اتغير

خرجت من غرفة رئيس قسم الصحافة و الاعلام وانا اشعر “بالفرح لحصولي على مقعد دراسي رغم تاخري” والاهم “خرجت شخص اخر يريد ومصر على ان ينجح هذه المرة” بالاضافة الى ان شعوري الداخلي يقول انني في المكان الصحيح، بدأت الدراسة وعرفت ان قرار والدتي بالذهاب الى قسم الصحافة والاعلام وقرار د. تيسير بقبولي رغم تاخري وسوء علاماتي الدراسية كانا صحيحين.

اكملت ٤ سنوات دراسية كنت مواظبا على الحضور في اولى الصفوف ومشاركا في كل الاسئلة و الامتحانات، وتخرجت بشهادة بكلوريوس عام ٢٠١٢ و بدأت مباشرة بدراسة الماجستير بالاضافة الى عملي في قناتي التغيير و دجلة، خلال هذه المرحلة كان د. تيسير يقدم محاضرات لهذه المرحلة ايضا واستمريت حتى الاعداد لمناقشة رسالتي والتي اخترت د. تيسير احد المناقشين فيها، اتممت المناقشة وتخرجت بدرجة ماجستير و كانت هذه الصورة هي تهنئة د. تيسير الذي كان استاذي لستة اعوام عرفته اثناء فشلي الدراسي و ودعته بقمة نجاحي الدراسي، وبتخرجي من الماجستير استمر التواصل عبر شبكات التواصل لكنها كانت اخر صورة تجمعنا بأرض الواقع.

مع والدي العزيز في الاردن

استغل الظرف السيئ ضده

لايمكن تسجيل فضل ونصائح الاب او الام في سطور لان دورهم التربوي كبير في كل شيء، لكن هناك كلمات ونصائح تبقى عالقة في الذاكرة تكون سبب لتغيير كبير بالحياة، ففي زمن كنت اواجه عدة ازمات ومشاكل، وكما هو معروف اي “ازمة – مشكلة – ظروف سيئة” تاخذ الكثير من الوقت والجهد، وهذان الشيئان لا يعوضان بحياة الانسان، فتستطيع تعويض المال او المفقودات لكن الوقت والجهد تذهب دون عودة، لذلك يجب ان تستفيد منها باقصى مايمكن، وهنا اذكر نصيحة ابي التي استمريت بالعمل بها حتى الان وهي.

استغل الظرف السيء ضده

اي استفد من الوقت او الوضع السيء الذي تمر به بفعل شيء مفيد لك

هذه اجمل وافضل نصيحة عملية، فقد واجهت مواقف صعبة وسيئة خلال سفري بين ٣ دول وكنت اذكر النصيحة و “استغل الظروف السيئة ضدها” وهنا تحول الوقت والجهد المخصص “للانزعاج و العصبية” الى وقت مفيد بل احيانا كنت اتمنى ان يستمر الظرف السيئ لكي استمر بمنهاجي المخصص لهذا الظرف.

على سبيل المثال عندما طبق الاغلاق العام في بريطانيا، كانت الحياة مملة، فكل شيء مغلق تماما، ولا شيء افعله سوى تقديم نشرة الاخبار لساعتين في اليوم، والباقي فراغ، هنا “استغليت الظرف السيئ ضده” فبدأت بتطوير اللغة العربية والانجليزية والعمل على السوشل ميديا اكثر والقراءة وتطوير المعلومات في اختصاصي الاعلامي وفي الاختصاصات المقاربة للاعلام وفي اختصاصات اخرى لاوسع مداركي اكثر.

وفي موقف ثانٍ اذكر ان بريطانيا اغلقت حدودها ٤ اشهر عندما كنت في امريكا ولذلك لم استطع ان اعود للعمل فكانت اجازتي طويلة استغليتها بممارسة الرياضة واعادة تنظيم اهدافي واطلاق مواقع الكترونية “مدونة حسام الطائي” وتطوير مدونة “وكيبيديا الاعلام الجديد” والقراءة وتطوير المهارات.

كما اذكر موقف ثالث وهو عند اكمالي لمناقشة رسالة الماجستير كنت انتظر الهجرة الى الولايات المتحدة وقد استغرق ٤ اشهر كانت صعبة على كل شخص ينتظر هذه الهجرة، فهي مهمة وجوهرية في حياة الانسان، اكثر اصدقائي كانوا يعانون خلال فترة الانتظار من حرق الاعصاب والملل، اما انا فاستغليتها بالكثير من المشاريع التطويرية والتعليمية واخذ الدورات ومشاهدة الافلام عن الحياة بامريكا وغيرها.

كثيرة هي المواقف التي طبقت فيها نصيحة والدي “استغل الظرف السيئ ضده” فهي الحل الامثل لجعل وقت الازمات والمشاكل والانتظار وغيره يمضي بسرعة، لذلك انصحكم

( استغلوا الظرف السيئ ضده)

الاستاذ الدكتور عبد الرزاق الدليمي في مناقشتي لدرجة الماجستير

التميز هو البحث عنالمعلومات الحديثة و النقاش و التفكير فيها

الاسلوب المختلف في تقديم المحاضرة وتدريسها والتفكير يؤدي الى نتائج اعلى من المتوقع، هذا ما عرفته خلال دراسة الماجستير في جامعة البترا، خاصة مع الاستاذ الدكتور الفاضل عبد الرزاق الدليمي، صاحب السمعة العلمية والشخصية ” الرائعة”.

بدأت المحاضرات مع د. عبد الرزاق وكانت متميزة فاختلف بأسلوبه التدريسي عن باقي الكادر بنقطة مهمة جدا وهي “اسلوب حديث في تقديم المحاضرة غير نمطي”، اي تقديم معلومات جديدة غريبة وقريبة من حياتنا وزماننا” فلم يستخدم امثلة قديمة من الماضي لاتنطبق في الحاضر، بل كانت امثلته ومعلوماته ومحاضراته مواكبة للتطور، فمعلومات المحاضرة كانت ملهمة شيقة وتثير اهتمام الطالب، بل محاضرته تشبه مغامرة علمية شيقة.

ومن اهم المحاضرات هي محاضرة قدمها عن ” اهمية التدوين واثراء المحتوى العربي في الانترنت” وكم هو كبير نقص المحتوى وغير مواكب ومنافس للمحتوى العلمي العالمي، خلال هذه المحاضرة ولدت فكرتي لاطلاق مدونتي الاعلامية “وكيبيديا الاعلام الجديد” التي نشرت بها معلومات اعلامية موثقة منقولة من ١٠٠ كتاب اعلامي قراتها.

د. عبد الرزاق كان له الدور الكبير في تعليمنا نحن طلبة الماجستير البحث عن المعلومة الجديدة ومواكبة الحداثة و مناقشتها والتفكير بها من خلال محاضراته المتميزة، واستطيع القول ان هذا الاسلوب يزرع داخل شخصية الطالب حتى بعد التخرج وخلال عمله وحياته “الحاجة الى التطوير والتفكير والبحث عن كل معلومة حديثة” وهذا الامر يؤدي بنهاية المطاف الى “التميز” على منافسيك، من وجه نظري ان د. عبد الرزاق كان رائدا في اسلوب التدريس الحديث جدا وقد نسخت منه هذا الاسلوب الذي افادني كثيرا حيث استمريت بالبحث عن “المعلومات الحديثة و النقاش والتفكير فيها” في مجال عملي وفي المجالات الاخرى وقد استفدت منه كثيرا.

هذه الصورة كانت في ستوديو جامعة البترا بعد استلام اوراق تخرجي من درجة البكلوريس

من قعر الفشل ينطلق النجاح

من قعر الفشل ينطلق النجاح، قد تكون هذه حكمة او نظرية او فرضية لكنني اختبرتها شخصيا وقد اثبتت نجاحها، فكل من عاصرني لم يفكر او يتوقع ان يحدث تغيير كبير في حياتي، فقد كنت بعيد عن الدراسة متمرد عليها ولا افكر بالاتجاه العلمي اطلاقا بل بالعمل التجاري، وعلى الرغم من ان والدي كان احد اللامعين كطيار عسكري وعند احالته الى خدمة المحاربين “نصف متقاعد” سجل بكلية اللغات جامعة بغداد قسم اللغة الانجليزية ليستفد من وقته ويحصل على شهادة ثانية، كما فعلت والدتي كذلك حيث تخرجت من قسم الادارة والاقتصاد وعادت بعد سنوات من التخرج الى قسم اداب انجليزي بجامعة بغداد، المعنى ان عائلتي كانت مجدة وتشجعنا على التفوق العملي و الدراسي لكنني لم اكن كذلك.

اذكر عندما داومت في اعدادية الغربية بباب المعظم وسط بغداد، كانت قريبة على احدى الاسواق الشعبية “والتي كنت احب زيارتها كثيرا” لذلك كنت اهرب من الدروس الى الاسواق الشعبية، و رغم ان والداي كانا يراقبانني بشكل مستمر، لكن كنت اجد الوسيلة للهروب والتجوال في الاسواق الشعبية، حتى جاءت نهاية العام الدراسي وقد “رسبت في مرحلة الاول المتوسط”، عندها انتقلت الى مدرسة “خالد بن الوليد” المتواضعة بمستواها، هناك وجدت نفسي وانطلقت بنجاحات وصولا الى المرحلة الاعدادية.

المرحلة الاعدادية كنت في مدرسة المثنى ذات الانضباط و التفوق الدراسي في حي الشماسية، وهناك رسبت مرة اخرى حيث كنت مشاكس واهرب كثيرا من الدروس، حتى التقيت بصديق اسمه “فراس” كان قد رسب ٣ سنوات في هذه المدرسة بالصف الرابع الاعدادي واثناء جلوسنا في مقهى قريب من المدرسة قال لي، “هاي المدرسة ماتفيدك اني رسبت بيه ٣ سنوات وهسه رايح اخدم عسكرية، روح اعدادية الشباب بالكسرة تفيدك وتنجح” ولا اعرف كيف اخذت بنصيحته “وكنت لا احب النصائح” سحبت اوراقي الرسمية وقد فرحت اعدادية المثنى كثيرا للتخلص مني.

اتجهت الى اعدادية الشباب “قرب جسر الصرافية وخلف نادي القادة في منطقة الكسرة” وقد اعجبت بها من اول نظرة فقد كانت غاطسة تحت الارض من جهة جسر الصرافية و لم يسمع او يعرفها احد لانها منسية اصلا، سجلت بها ولاحظت العشوائية وعدم الانضباط كبيرين فيها فقلت “انه عالمي”،حيث كانت كثير من الضوابط التربوية لا تطبق، فالكادر التدريسي متساهل ومتسامح بالغياب والحضور وتحضير الواجبات و لا مشكلة بان تخرج للاكل او التبضع خلال الدوام ويشاهدك المدير دون اي حساب، واقعيا كانت “مدرسة المشاغبين” حتى ان “الميانة” او تعامل الاساتذة مع الطلبة كان بمستوى الاصدقاء، فكثيرا ما التقينا بمنطقة الاعظمية للعب الدومنة او الطاولي او لتدخين الارجيلة او للجلوس في مطاعمها وقت الفطور و الغداء و العشاء، لقد عشت في هذه الاعدادية اجمل ايام حياتي حتى انني لم اعد اهرب من الدروس لان كل درس كان مشاكسة ومغامرة ينتهي بالضحك، بل ان الدخول الى الدرس بعد نصف ساعة من بدايته امر طبيعي، استمريت بالدراسة حتى السادس الاعدادي وهناك رسبت عام جديد بسبب عدم دراستي وتحضيري.

عام ٢٠٠٣ سقط النظام و كانت السنة الثانية بنفس المرحلة، حيث عادت الامتحانات العامة للسادس الاعدادي لكن “بانضباط شديد وتدقيق عالي” ففي الوقت الذي سقط فيه النظام وبدأت مؤسسات الدولة بالنهوض مرة ثانية اشتد المراقبون اكثر، عموما نجحت في العام الثاني ودخلت جامعة بغداد كلية الادارة والاقتصاد لاصطدم بملل ورتابة الدراسة الحكومية لانها منضبطة وكثيرة الواجبات، فلم تعجبني الاجواء لذلك انتقلت الى كلية التراث بمنطقة المنصور وهناك كان العالم جميل، فهي جامعة اهلية حافظت على مستوى رائع، وكانت النساء فيها اكثر من الرجال وهو امر مهم للدراسة بجد !، لكن وبسبب المسافة وعشوائية الطرقات وتعرضنا للتهديد قررنا السفر الى الاردن وهنا توقفت دراستي الجامعية للمرة الثانية.

سافرت الى الاردن، وتحديدا عمان عام ٢٠٠٤ وانا محمل بشوق وحماسة عالية لاستكشاف هذا البلد الجميل، واتذكر وفرة الخدمات وسرعة اداءها والانفتاح على العالم الذي اذهلني، اما حياة الترفيه فكانت “في الاحلام” بل مليئة بالمجالات الترفيهية التي تجذبك لان تعيش يومك بسعادة، خاصة وانني قادم من العراق الذي عاش الحصار وعانى من تراجع كبير بكافة النواحي، ورغم الحاح والدي على العودة للدراسة لكن كانت الظروف صعبة حينها فتوقعنا العودة القريبة لكن امتدت السنوات وخضنا بمعاملات الاقامة و سحب الوثائق من العراق و نقل وبيع بعض املاكنا واستمرت هذه الجدليات حتى ادركت و اهلي جميعا عام ٢٠٠٨ بعض ٤ سنوات من الاقامة ان لا عودة للعراق اطلاقا، فقد تغيرنا فكريا و نفسيا ولم نعد نستطيع العودة بالاضافة الى سوء الاحوال هناك.

عام ٢٠٠٨ كنت قد شاركت في عدد من دورات الكومبيوتر التي ضننت انها بديل جيد عن الدراسة الجامعية لكن سرعان ما قررت العودة الى الدراسة لكنني كنت مشتت لا اعرف ما اريد فبدات بقسم التصميم الجرافيكي وقد فشلت فيه من الفصل الاول وكنت قاب قوسين او ادنى من ترك الجامعة نهائيا لو لا الحاح والدتي للتسجيل في قسم الصحافة و الاعلام ولولا دعم د. تيسير ابو عرجة رئيس القسم الذي اعطاني استثناء خاص للتسجيل ولولا ذلك لكنت قد تركت الدراسة كليا نظرا لفشلي في قسم التصميم وتاخري في التسجيل بقسم الصحافة وعدم معرفة رغبتي الدراسية.

من يقرا هذه السطور يعرف انني قد رسبت في مرحلة المتوسطة والاعدادية ولم استطع اكمال دراستي في جامعتين في بغداد وتوقفت عن الدراسة ٤ سنوات في الاردن وعندما عدت للدراسة الجامعية في البترا رسبت في اول فصل، اذا فشل رسوب تاخر دراسي عدم معرفة رغبتي الدراسية ومستقبل مجهول، لكن وفي لحظة لا اعرف ماذا اسميها وكيف حدثت ولماذا وماهي اسبابها بعد تسجيلي في قسم الصحافة و الاعلام “تحولت بشكل تام” من شخص عشوائي غير مهتم بالدراسة و المستقبل و الدنيا الى شخص مجد يدرس ليل نهار يحضر مبكرا الى الصف الدراسي ليجلس في المقدمة، مناقش للاساتذة قارئ باحث ملتزم يهوى التحدي لديه اصرار كبير على النجاح وحرق المراحل، النقيض تماما عن شخصيتي القديمة فمنذ عام ٢٠٠٨ الى حد كتابة هذه السطور كنت اضع اهداف وتحديات احققها كل اسبوع و شهر و عام بل واصر على التفوق الدائم حتى اختارتني بعض المؤسسات قصة نجاح وحصلت على جوائز وكتب شكر وتقدير وقد توظفت في ٤ قنوات واذاعة وكتابة المقالات بالصحف العربية المشهورة وعملت في الاردن و بريطانيا مع اتمامي لدرجة البكلوريوس والماجستير مع تفاعل على السوشل ميديا و غيرها من فعاليات ونشاطات جعلتني في عين الاخرين مثالا للنجاح، وهذا ما اسميه “من قعر الفشل ينطلق النجاح” الذي لا اعرف كيف حدث لكنني اعرف انني بذلت جهودا كبيرة جدا لاحققه.

الصورة بعد فوزي في بطولة العراق للكيك بوكسنغ في نادي التعاون

اچفت وهي تنلاص ، قاعدة عملت بها لـ١٩ عام

‏هناك عبارات مؤثرة تبقى في عقل الانسان، يكون تأثيرها طويل الامد، وتصبح شبه قاعدة مستخدمة ببعض المواقف، وهذا ما حصل معي عندما كنت لاعب رياضة الكيك بوكسينج في نادي الشباب الرياضي بشارع فلسطين في بغداد، مع مدربي الكابتن سعد عبد الصاحب احد الاشخاص و المدربين الرائعين.

‏وفي أول نزال اخوضه في القاعة كنت مرتبك خاصة بعد ارتداء الواقيات ومعرفة أن الشخص المقابل كان أقدم مني بالرياضة، وعند بداية النزال لم اكن جيدا في الهجوم والدفاع، لاحظ الكابتن سعد عبد الصاحب ذلك، وقال لي خلال قبل الجولة الثانية عبارته ‏التي ظلت قاعدة معي استخدمها طوال حياتي هي

اچفت وهي تنلاص

وتعني ادخل بقوة وعزم دون ارتباك

ورغم أن العبارة عشوائية بعض الشيء وقد تؤدي إلى كوارث، لكنها كانت سببا في نجاحي بالكثير من المواقف ومعالجة الاخرى و اتخاذ قرارات سريعة كانت أكثرها ناجحة ومؤثرة وقد خلصتني من مواقف كثيرة.

ان ‏جوهر هذه العبارة هو “إنك إذا كنت تملك الجرأة والقدرة والمعرفة على المواجهة والخروج من المواقف الصعبة عندها لا ترتبك ولا تتردد ادخل بحزم و اخرج بنتائج.

‏اكثر من ٢٠ عام مرت على سماع هذه العبارة ما زلت اذكرها و أستخدمها ولم انساها.

الكابتن احمد انين مدرب رياضة حيت كون دو

قاعدة فنون قتالية كانت سببا في تطوري عمليا

تطبيق القواعد تسهم في تطور الانسان، وان كانت في مجالات اخرى، هذا ماتعلمته الكابتن احمد امين، المدرب الوحيد عربيا لرياضة ( الجيت كون دو ) التي اسسها بروسلي للقضاء على الخصم ( باسرع وقت واقل جهد ).

عندما كنت اتدرب في قاعة الكابتن احمد امين بالنادي الاهلي بمنطقة الوزيرية، قال باحدى المرات قاعدة تستخدم لقتال اكثر من شخص ( عند مواجهة خصمين، يجب ان تكون ردة فعل المقاتل أسرع منهما سويا، ليتغلب عليهما )، ظلت القاعدة في ذاكرتي لكني لم اخض قتال مع خصمين بل خضت قتال من نوع اخر استخدمتها فيه.

كنت متاخرا ٤ سنوات عن اقراني بسبب الانتقال الى الاردن، واعادة ترتيب معاملاتنا القانونية، اضافة الى الصدمة الثقافية الرائعة في الاردن، فمن العراق المنعزل قبل عام ٢٠٠٣ الى بلد منفتح ومتصل بالعالم، شخصيا ذهلت بالسينمات والمطاعم الاجنبية والماركات العالمية والمولات والسيارات الحديثة والخدمات الراقية التي لم تكن موجودة بالعراق، كذلك التطور التكنلوجي، مثل الانترنت من البطيء المتاح بمراكز قليلة في بغداد، الى انترنت منزلي سريع في الاردن !، هذه الصدمة الثقافية غيبتني عن الجامعة والعمل.

بدات بالدراسة والعمل الاعلامي متاخرا عن زملائي، هنا عادت قاعدة الكابتن احمد امين (عند مواجهة خصمين، يجب ان تكون ردة فعل المقاتل أسرع منهما سويا، ليتغلب عليهما ) فكان قتالي مع ( الزمن والاداء )، يجب ان “احقق اسرع النتائج باقل زمن وافضل اداء باقل الفرص”، لان غيري كان لديه زمن طويل وفرص كثيرة يتعلم منها ليجمع الخبرة والمعرفة الاعلامية، ولم يتاح لي ذلك.

كان قراري هو مضاعفة الجهد ومايفعله الاخرون، فعلى المستوى الاكاديمي ان قرا زملائي كتاب في الشهر انا اقرا ٣ كتب، ان اخذوا دورة اعلامية اذهب لـ ٣ دورات وبافضل المراكز، ان درسوا معهد او جامعة انا ادرس الى الماجستير.

وعلى المستوى العملي، المذيع كان يعمل مذيعا فقط، اما انا فعملت مذيع ومراسل ومحرر وكاتب وقارئ تقارير، ولم ارفض اي عمل، بل كنت ابقى بعد نهاية دوامي لاشاهد كيف يعمل المونتاج وغرفة الاخراج وكيف يؤدي المذيعون نشرة الحصاد وماهي المشاكل التي تحدث اثناء البث واليات عمل الاقسام، حتى قالوا انني “بطران” لبقائي بعد الدوام، لكنه كان لكسب المعرفة والخبرة باسرع وقت.

اما المستوى العام، فاذا كان زميلي يكتفي بمراسلة قناة للبحث عن عمل انا كنت اطرق ابواب القنوات عدة مرات، ان كان لديهم بعض المعارف داخل القنوات ليرشحوهم للعمل كنت اكون صداقات مع كل العاملين بكل القنوات.

كنت اجمع نقاط القوة والضعف لدى زملائي لاصل الى نقاط قوتهم، واضيف ماينقصهم الى قدراتي، فكان بعضهم متفوق باللغة العربية لذلك درست مع استاذ لغة عربية طويلا لاختصر الزمن، و اخر كان يهتم بمظهرة بشكل بسيط، انا اهتممت بشكل كبير وسجلت بنادي رياضي واطلعت على افضل تنسيق لالوان الموضة، بعضهم كان يكتب مقال كل شهر في موقع الكتروني وانا كتبت مقال اسبوعي في صحف ورقية والكترونية، بالاضافة الى النشاط في وسائل التواصل الاجتماعي وحضور الفعاليات الثقافية والندوات السياسية واللقاءات مع شخصيات مؤثرة وغيرها الكثير.

ان قاعدة الكابتن أحمد أمين بالفنون القتالية أتت ثمارها، فرغم تأخري في البداية لكن السرعة برد الفعل والجهد الكبير جعلني اتقدم كثيرا وهذا ماسمعته، بانني حققت نتائج مدهشة بوقت قصير.

لقد ادركت بعد التجربة، انه يمكن تحقيق الاهداف باقل وقت ان كان رد الفعل سريع مع مضاعفة الجهد والافعال.

رأي الصديقة العزيزة والاعلامية وجدان العاني التي ساعدتني ودربتني في بداياتي بالاعلام في احدى اللقاءات.
الصورة الحقيقية لمركز امن الرشيد

الثقافة هي ان تعرف الشخص المقابل ان كان صادق ام كاذب

عام ٢٠٠٥ كانت ظروف العراق صعبة والكثير من العراقيين هاجروا الى دول الجوار ومن ضمنها الاردن حيث اتجه الجميع الى اصدار اقامات سنوية، وبسبب المخاوف الامنية كان اصدار الاقامة السنوية صعب للغاية بالذات الحصول على موافقة المخابرات، وخلال تلك الفترة صادفت الظروف ان اتعرف على شخص عن طريق صديق والدي قال لي ان هذا الشخص المكنى “محمود” هو احد افراد البحث الجنائي “واحدة من الاجهزة الامنية المهمة” ويستطيع من خلال علاقاته ان يحل كل مشكلات الاقامة.

خلال تلك الفترة كان ابن عمتي “حمزة” قد رفضت اقامته وبدأت الغرامات اليومية على بقاءه في الاردن، بالتالي طلبنا مساعدة عضو البحث الجنائي “محمود” لكي يسهل اصدار الاقامة، لم يرفض وطلب الاوراق الثبوتية واشترط ان نرافقه في اتمام المعاملات بالاضافة الى مبلغ “٢٥٠٠ دينار” كاجور مقدمة ونفس المبلغ بعد اصدار الاقامة، اكرمناه واستقبلناه كونه “المعجزة التي تسهل اصدار الاقامة”، بعد اعطائه المبلغ درنا معه في الدوائر الحكومية وكان يدخل و يخرج ويعرف الجميع و يسير بشكل قانوني حتى توقف عند المرحلة الاخيرة وهنا انقلب جذريا.

انقلب “محمود” جذريا علينا وبدا بالتهرب والتذمر والاختفاء و غيرها من اساليب عجيبة، وقد استمر الامر ٧ اشهر حتى ضاق الامر بابن عمتي الذي زجره في احدى الجلسات لياخذها “محمود” حجه و يقطع العلاقة معنا، لقد شعرت بالحرج كوني قدمت “محمود” كشخص موثوق بناء على توصية من صديق والدي، وفي هذه الظروف صادف ان احد مدراء جهاز الامن الوقائي ” كان اسمه عباس ويلقب عباس افندي” كان يزور مطعم “علي القرغلي” في عمان منطقة شميساني وله علاقة بصاحب المطعم وهو صديقنا ايضا، وقد ابلغ صاحب المطعم قصتنا لمدير الامن الوقائي الذي بدوره طلب حضورنا الى مركز امن الرشيد.

حضرت انا فقط نظرا لظروف منعت ابن عمتي من الحضور، تم التحقيق معي في القضية وعرف اننا لم نملك دليل على استلام “محمود” المبلغ اطلاقا، لذلك قال “يجب ان تسايره الى حين اقناعه بان يسجل على نفسه اي ورقة تثبت حصوله على مبلغ ٢٥٠٠ دينار”، هنا فهمت انني يجب ان اصبح صديقه حتى يثق بي ويسجل على نفسه اي دليل يثبت حصوله على المبلغ، وهي عملية شبه مستحيلة وتتطلب عمل “مخابراتي محنك” للوصول الى النتيجة المرجوة.

39–⁦59⁩ من الدقائق

وبسبب حرجي من تقديم “شخص على اساس الثقة”موثوق” لكنه خانها قررت ان ادخل بالقضية بقوة، عندها تحولت الى صديق صدوق لـ “محمود” عضو البحث الجنائي، رافقته ودعوته وشربت معه الشاي و القهوة ٦ اشهر حتى وثق بي و لا اعرف كيف كتب وصل بنكي على نفسه بمبلغ ٢٥٠٠ دينار ، هنا عدت الى “عباس افندي مدير الامن الوقائي في مركز امن الرشيد” عندها قال الان سيتم القاء القبض.

تم التخطيط ان نلتقي في “مقهى حمدان” في شارع الجاردنز قرب جسر السيف وي وسط عمان، ولاخذ الاحتياطات طلب مني ان انقل اعضاء الامن الوقائي بسيارتي الخاصة للتمويه من مركز الامن الى مقهى حمدان، واتفقنا ان اجلس معه ويكون ظهره على الباب الرئيسي لكي لا يعرف اعضاء الامن الوقائي الاخرين، جلست معه وكان قد ضاق ذرعا مني وقرر ان ينفجر بوجهي لكي ينهي العلاقة فبدأ بالتهديد و الوعيد خلال ذلك كان اعضاء الامن الوقائي جالسين حوله ويراقبون حتى حانت ساعة الصفر و قاموا بالقاء القبض عليه وابراز هوياتهم و معداتهم وسط ذهول الزبائن وصاحب المقهى، خرجنا بسرعه بسيارتي المدنية ذات الارقام العراقية الى مركز امن الرشيد مسرعين ونظرات المارة تلاحقنا.

وصلنا الى مركز امن الرشيد وخلال الطريق كان “محمود” عضو البحث الجنائي مرتبك وخائف و ينظر الى عيني طول الوقت مصدوم ولايعرف ماذا وكيف حصل الامر، وصلنا وتم التحقيق معه وحجزه واخذ افادتي عندها ظهرت الصدمة الصادمة، ( محمود ليس عضو بحث جنائي بل هو موزع لمواد غذائية على مراكز الشرطة) ذهلت عند معرفة هذه المعلومة وذهل الجميع ايضا اما “عباس افندي مدير الامن الوقائي في مركز امن الرشيد” فقام بواجبه على اتم وجه فقد انتقم لي ولسمعة الامن الوقائي بشكل رائع جدا وضمن القانون، عندها انتهت القضية معهم وتحولت الى المحكمة ليبدا فصل جديد لكنه اعاد كل الحقوق.

مع نهاية القضية التي استمرت ٦ اشهر كنت على تواصل بشكل مستمر مع الامن الوقائي، جلست مع المدير “عباس افندي” وقال لي نصيحه مهمة جدا ظلت في اذني وعقلي وعملت بها طوال حياتي قال حينها

الثقافة ليست معرفه بعد الارض عن الشمس بل هي معرفة الشخص المقابل ان كان صادق ام كاذب وان تتاكد من هويته ومكانته ولا تعطي ثقتك بسماع الكلام فقط

كانت هذه الحادثة من قصص حياتي التي تعلمت بها الكثير وخصصت لها الجهد و الوقت و القدرات الكبيرة لكي احقق غايتي في انهائها والحصول على حقوقنا، بعدها لم اقع باي موقف لانني تعلمت درسا رائعا عن الثقافة.

تدريب تأثير نجاح وفاء و شخصية رائعة

عام ٢٠٠٩ حضرت ثاني دورة في معهد الجزيرة الاعلامي في قطر وهي تقديم البرامج مع اثنين من المدربين وهم الاعلامي السعودي علي الضفيري و الاعلامية البريطانية أرتي هيلاي التي كانت اول من يقدم المحاضرة الاعلامية.

ومن اول حضورها امتلكت طاقة ايجابية وروح متعاونة، ومع بدء المحاضرة لم تدخر جهدا في تقديم كل ماتملك من معلومات وخبرات وارشادات حول التقديم الاخباري بل استغلت وقت المحاضرة بشكل رائع حتى تعلمنا منها كيفية الاستفادة من الوقت، الاهم كانت ارتي متواضعة وسهلة التعامل رغم ارثها الاعلامي وشهرتها الواسعة، فقد عملت بعدد من القنوات البريطانية وقدمت العديد من الدورات.

مع نهاية المحاضرات كانت ارتي قد اثرت بنا بروحها وطاقاتها الايجابية الرائعة واعطتنا معلومات بما يعادل اضعاف المحاضرات التي قدمتها ودربتنا بحرص والتزام عالٍ وخلال ايام شعرنا اننا نعرفها لسنوات.

عمل ونجاح و وفاء

بعد اكثر من ١٠ سنوات من العمل الاعلامي حصلت على اجمل فرصة عمل والاكثر تميزا وهي العمل في لندن بافضل قناة عراقية وهي مجموعة قنوات الشرقية، وقد عملت في الشرقية نيوز الاخبارية في لندن وهي اخر قناة عربية في العاصمة البريطانية، عند وصولي محملا بالسعادة ونشوة النجاح لم انس من كان سببا فيه حتى بعد مرور اكثر من ١٠ سنوات دون تواصل لاننا لم نملك في ذلك الوقت غير الايميل ولم يكن فعال بشكل كبير، انها ارتي مدربتنا البريطانية الرائعة ذات الروح الايجابية والتدريب المميز، فقررت التواصل معها

بعد استقراري في لندن بحث عن هاتف ارتي وتواصلت معها والتقينا بعد مرور اكثر من ١٠ سنوات على لقاءنا الاول في قطر بمعهد الجزيرة الاعلامي والان نلتقي في لندن، وقد شعرت انه من الوفاء ان اشكر هذه الشخصية الرائعة ارتي التي لها الفضل في تدريبنا باخلاص والتزام والتاثير بنا بروحها الايجابية التي لا تنسى، فقد تذكرنا ايام التدريب وتحدثنا وضحكنا وكان القاء رائع جدا ولا ينسى.

اهم ما تعلمت من مدربتي ارتي هو “التواضع في التعامل مع الزملاء، الايجابية والتعاون في بيئة العمل، تقديم المساعدة باخلاص والتفاني بالعمل والاستفادة من الوقت باقصى حد”  وهو اسلوب حياة استمر معي حتى الان.

شكرا لك ارتي على ماقدمته لنا 

الصور الحقيقية لمفاتيح المنازل الثلاث التي عشت بها

العيش في ٣ دول بثلاث شخصيات

قد نسمع بان سائحا زار ٤٠ دولة وانه سنويا يزور ١٠ دول، واخر يعمل في دولة ويعيش في اخرى وكلا الامرين ليسا غريبين، لكن ان تعيش في ٣ دول بشكل تام فهو امر غريب، وهذا ما حدث معي عند العمل مع مجموعة قنوات الشرقية التي تملك فروعا اقليمية في العراق و الاردن و الامارات و بريطانيا، وقد تم اختياري لاعمل من بريطانيا بالوقت الذي كنت مقيم فيه بالاردن و امريكا.

خلال اقامتي ١٤ عام في الاردن اصبحت ابن بلد املك معارف واصدقاء وحسابات بنكية وعمل وغيرها من اسس الحياة، بعدها هاجرت الى الولايات المتحدة فقمت بتاسيس كل ذلك مرة اخرى، من مجتمع وحسابات بنكية، لكن بسبب عملي في الاردن كنت اعيش في امريكا لشهرين او ٤ واعود الى الاردن ٤ او ٥ اشهر، وعند حصولي على فرصة عمل في لندن، كنت متشوق جدا لمشاهدتها خاصة وان والدي قد تخرج من بريطانيا و تحدث لنا عنها كثيرا في السابق، لذلك تلهفت بشدة للسفرة، جاء يوم السفر وخرجت من مطار هيثرو وقد ادهشتني لندن ببناياتها واجواءها وعليه قررت ان اندمج بقوة في مجتمعها.

ولانني من هواة بناء علاقات اجتماعية صار عندي مجتمع كبير خلال اقامتي بلندن، وقد عرفت طرقها وعاداتها وتقاليدها كما عرفت الاردن و امريكا، ولان العمل الاعلامي كان يتطلب مني السفر الدائم “كوني اعزب وخبير في الرحلات الجوية وجاهز دائما” اعتمدت الادارة علي لاغطي الاحداث كمراسل او اعوض نقص المذيعين في الاردن، وكنت اتنقل بين بريطانيا و امريكا والاردن كل ٤ الى ٥ اشهر، حتى ان بعض المتابعين قد احتاروا لانهم يشاهدونني اتجول في لندن بعد يوم في بيتي بولاية سان دييغو الامريكية بعدها في الاردن لاقدم نشرة الاخبار، واذكر انني قد صورت في الانستغرام وسط لندن عند الساعة ١٠ ليلا وعند ٢ ليلا سافرت الى الاردن لاقدم نشرة الاخبار في الساعة ٢ ظهرا وبعدها اتجهت لزيارة معرض الفنون التشكيلية في جبل اللويبدة في عمان، فاندهش الحضارون كثيرا عند دخولي لانهم شاهدوني اقدم الاخبار وشاهدوا حساب الانستغرام من لندن وبعدها ظهرت في عمان، وفي احدى المرات كنت بسان دييغو كاليفورنيا اشتري بعض الاغراض فلاحظت ان احد الاشخاص ينظر الي وعندما التفت اليه قال لي انت تشبه كثيرا حسام الطائي مذيع الشرقية في لندن ام هو اخوك، فقلت له انا حسام الطائي فانصدم وقال كيف قلت له انا اعيش هنا وهناك.

لقد تقسمت حياتي و شخصيتي وممتلكاتي الى ٣ اقسام فكنت في بريطاينا اتعامل مع المجتمع بشخصية وفي بيتي مجموعة من الاشياء التي تتناسب بريطانيا، اما عند سفري الى الاردن فاغير من شخصيتي لان مجتمع هناك له افكار و توجهات مختلفة وفي بيتي ممتلكات تناسب العيش بالاردن، ونفس الحال في امريكا حيث تتغير شخصيتي و ممتلكاتي لتناسب العيش، كنت امتلك ٣ واتس اب و ٣ مجموعات ملابس كاملة في كل بيت حتى بعض الاحيان كنت اهبط بالطائرة عند الساعة ٦ صباحا و اقدم نشرة الاخبار عند الساعة ٢ ظهرا لان كل شيء جاهز في بيت الاردن من ملابس العمل الى النوم والخدمات ونفس الشيء في امريكا و بريطانيا، وكنت في كل مرة انظم ما املك و ادون ملاحظاتي لكي لا ينشغل ذهني باخذ اشياء قد اكون املكها في بيتي الثاني او الثالث.

استمرار السفر و الانقسام الثلاثي جعلني اواجه صعوبات غريبة منها عند حصولي على جائزة افضل مذيع سالني الشخص الذي استلمها نيابة عني الى اين ارسلها فقلت لها لا اعرف ! فقال لماذا اين انت الان قلت له في لندن وبعد شهرين ساكون في الاردن لمدة شهر و اعود لامريكا لشهرين، فقال افضل ان تبقى معي الى حين استقرارك وبقيت معه ٨ اشهر حتى ارسلها الى لندن، صعوبات اخرى واجهتها منها الاتجاه الى مكانات في دول اخرى فكنت في بعض الاحيان افكر في الاتجاه الى منطقة هولبورن وسط لندن و انا اسوق سيارتي في سان دييغو الامريكية، او افكر في اكل “الفلافل” من ابو جبارة بالاردن و انا في لندن، اذكر في احدى المرات عند سحبي من الة الصراف الالي شاهدت محاسب محل المواد الغذائية الذي اتسوق منه في لندن وعند اتمام العملية التفت له و سلمت عليه، بعدها فكرت وقلت انا في الاردن وما تصورته محاسب في لندن ليس نفس الشخص فاختلطت الاوراق و الاماكن علي، وكثيرا ما ازور بلد فاجد الاعزب قد تزوج و المتزوج قد انجب طفلا و الصغير قد كبر و الكبير قد توفي وهكذا احداث عملاقة، و السبب انني اعيش في كل واحدة من هذه الدول بين شهر الى ٤ اشهر وانتقل للاخرى.

بعد مرور سنوات على السفر الدائم و تحول حياتي الى حقيبة سفر،تعلمت الكثير من مهارات ادارة الوقت كي احصل على نتائج كبيرة في وقت قصير، وكيف انظم كل احتياجاتي بشكل دائم ومستمر حتى لا اتعرض لمواقف محرجة اثناء السفر “خاصة فترة كورونا” وتعلمت كيفة التعامل باقصى سرعة ممكنة مع اي مشكلة او حاجة او قضية لانهائها قبل ان تتحول الى ازمة، بالاضافة الى كتابة وتنظيم كل شيء الكترونيا ليسهل حمله معي اثناء السفر وان اكتب قوائم فحص الاشياء قبل اسفر كي لا انسى شيء، ومع كل ذلك كنت قد طورت ادائي الاعلامي فكنت في الطيارة اقرا لغة انجليزية تحضيرا لامتحان او قراءة لغة عربية لتطوير الاداء و اشاهد تسجيلاتي الاخبارية لاقيم المستوى وان اكون فاعلا وحاضرا في السوشل ميديا حتى و ان كنت فوق المحيط او في طريقي للمطار او هابطا في لوس انجليس، تعلمت ان الظروف مهما كانت انا استمر، وان استبدل الافكار و الشخصيات عند الهبوط في الدولة التي ساعمل بها، تجاربة العيش في ٣ دول رائعة لكنها صعبة و ومتعبة وتتطلب تركيز عالي بشكل مستمر لكنها من اجمل التجارب التي غيرت شخصيتي و طبعي جذريا.

امي وابي في ساحة الطرف الاغر في لندن عام ٧٩

لقاء اسد الطرف الاغر.. حلم جاء وتحقق بعد اعوام

عندما يملك الانسان ارادة واصرار لتحقيق هدف تجتمع قوى الكون واقداره لتحقيقها، وهذا ما حدث معي، فمنذ اول نظرة عندما كان عمري ١٢ عام الى صورة ابي و امي في شهر العسل في لندن قرب اسد ساحة الطرف الاغر قلت في نفسي “سيأتي يوم وازور هذه الساحة” ولا اعرف لماذا قلت ذلك وكيف في عمر الـ١٢ عام في العراق حيث السفر ممنوع والوضع الدبلوماسي العراقي سيء جدا حيث الحصار وانخفاض سعر العملة العراقية، كل هذه العوامل جعلت تحقيق هذا الحلم مستحيل تماما.

بعد عام ٢٠٠٣ انتقلنا الى الاردن واختفى الحلم حتى عاد عام ٢٠١٤ عندما شاهدت الصورة مرة ثانية وقررت ان ابحث عن اسم الساحة التي لم اكن اعرف ان اسمها “الطرف الاغر” وبدأت بالتحضير للسفر الى لندن وكانت الاجراءات معقدة وصعبة ونسبة رفض فيز العراقيين هي ٩٩٪، والاهم ان موافقة الهجرة الى امريكا جاءت و تلاشى الحلم مرة اخرى، خضت تجربة الهجرة واشتياقي للعمل الاعلامي جعلني اعود مرة اخرى الى الاردن واعمل كمذيع راديو وتلفزيون، حتى عام ٢٠١٨ عندما قررت ان اسافر الى لندن لزيارتها كمدينة والاهم ان اصل الى “اسد الطرف الاغر” الذي حلمت ان ازوره منذ الصغر لا اعرف لماذا لكن هذه رغبتي.

ورغم التحضيرات لكن تفاجات باجراءات اضافية للحصول على الفيز البريطانية تسببت بتاجيل سفري الى نصف ٢٠١٩ وهنا صار التحول، جاءت الفرصة الي بدل الذهاب لها، تواصلت معي قناة الشرقية مكتب لندن عارضين علي العمل معهم.

كانت مفاجاة كبيرة ان اجد عمل في لندن وفي الاعلام تحديدا وفي العاصمة الرائعة التي احلم بزيارتها، انطلقت اليها وبعد مرور شهر على استقراري وترتيب اوضاعي، عاد اسد الطرف الاغر الى مخيلتي فقررت ان ازور الساحة وان التقي بهذا الاسد الذي كانت حلمي ان التقيه قبل اكثر من ١٨ عام ! ومررت بازمنة ودول متعددة حتى وصلت الى وسط لندن، عندها جلست في اول قطار متجه الى ساحة بيكادلي الشهيرة، ومن هناك تمشيت وجوجل مابس يرشدني يمينا وشمالا حتى وصلت متحف اللوحات الوطني، استمريت بالسير واذا بأسد الطرف الاغر يظهر برأسه المهيب ومجموعته الاربع الذين ينظرون بكل الاتجاهات ويحرسون نصب القائد العسكري البريطاني الذي خاض معركة غيرت مجرى التاريخ البريطاني سيطرت بعدها على البحار لمئات الاعوام.

وصلت الى اسد الطرف الاغر و كنت سعيد جدا وعلى الرغم ان الحلم بسيط ويمكن تحقيقة لاي شخص “ان لم يكن مولود في بلد غير مستقر” لكنه بالنسبة لي كان كبيرا جدا لانني عشت في بلد غير مستقر و واجهت ازمة الجواز الضعيف وارتفاع الاسعار وعوائق اخرى حتى وصلت الى تحقيق حلم رافقني لسنوات طويلة، ولا اعرف لماذا اصريت على زيارة نفس الساحة التي كان ابي وامي قد زاراها سابقا لكن اذكر جيدا انني وعندما شاهدت الصورة كنت واقفا في الطابق الثاني لمنزلنا في غرفة المخزن وقلت عندها “سازور الساحة يوما” وحققت الحلم الذي جاء الي بنفسه واخذني، لذلك اقولها مجددا “عندما يملك الانسان ارادة واصرار لتحقيق هدف تجتمع قوى الكون واقداره لتحقيقها”.

عام ٢٠١٩ قرب اشهر معالم لندن Tower bridge

لندن المدينة الساحرة التي غيرت شخصيتي وفكري و حياتي

للمكان دور في بناء شخصية وفكر و نظرة الانسان في كل مجالات الحياة، هذا ما يثبته علم النفس والاجتماع، فعندما تبحث عن الفن تذهب الى ايطاليا وعندما تبحث عن الثراء تذهب الى موناكو، وعندما تبحث عن المدينة الساحرة الوجدانية تذهب الى لندن.

عام ٢٠١٩ شهر ٨ انطلقت من مطار لوس انجليس الى مطار هيثرو في بريطانيا وكنت متحمسا جدا، ففي زمن يصعب الحصول فيه على وظيفة حصلت على وظيفة مذيع اخبار في افضل قناة عراقية بمستوى عربي في “لندن” المدينة التي تخرج منها ابي كطيار مقاتل و سافر اليها في شهر العسل مع والدتي، وتحدث عن جمالها وروعتها منذ وعينا في العراق على مدى اعوام، فكنت متحمسا ان ازورها اكثر من انطلاقتي الى الولايات المتحدة عندما هاجرت لها عام ٢٠١٤، هبط في مطار هيثرو وكان السائق “أكرم” ينتظرني وخرجت اليها فرحا فكانت المناظر الرائعة تشدني من بيوت الطراز الانجليزي القديم الى الشوارع الصغيرة و الحقول الخضراء المنتشرة وسمائها البيضاء دائما حيث تختلط الغيوم باللون الرمادي للمنازل فتتحول الى لوحة فنية بالوان كلاسيكية تدل على العراقة و التراث و عبق الحضارة الغربية الاول الذي انطلق نحو العالم.

لم احض اول يوم في لندن بفرصة كبيرة لمشاهدتها لانني كنت متعبا بسبب سفري من الاردن الى الولايات المتحدة ومعاناة فرق التوقيت “١٠ ساعات عن عمان” وبقائي ٤ ايام فقط في سان دييغو كاليفورنيا لاسافر بعدها الى بريطانيا واعاني من فرق توقيت ثاني “٨ ساعات بين لندن و سان دييغو كاليفورنيا” لذلك تعطلت ساعتي البايلوجية لانني انتقلت بين منطقتين زمنيتين مختلفتين بسرعة، وصلت الى شقتي ونمت مباشرة وعندما استيقظت في اليوم الثاني شاهدت الشقة وقلت في نفسي “اين انا الان” لانه قبل ٧ ايام كنت في الاردن وقبل ٦ ايام كنت اعبر القارات بالطائرة حيث زمن السفر الى الولايات المتحدة من الاردن يوم كامل وقبل ٥ ايام كنت في سان دييغو وقبل يوم هبطت في مطار هيثرو في لندن والان استيقضت من النوم، حتى انني لا اعرف الشقة جيدا، انطلقت لاتجول بها على الرغم من صغرها لكنها كانت بعيني كبيرة، تجولت في المنطقة القريبة مني تواصلت مع الشرقية وعرفت موقعها “كان قريب جدا ٧ دقائق سير من بيتي”، زرتهم وتعرفت عليهم وبدأت بنشرات الاخبار وهذه كانت المرحلة الاولى من اعجابي بلندن بشكل عام.

المرحلة الثانية عندما اخذت قطاري من محطة همرسمث ستيشن الى ميدان بيكادلي وهو الميدان الذي تحدث عنه ابي على مدى عقد من الزمن فكنت متشوق لزيارته، توقف القطار في ميدان بيكادلي ويالها من صدمة لن تتكرر في حياتي، سائحون ومنطقة مزدحمة بالمحلات و الشركات و السيارات و مناظر رائعة لا يمكن وصفها، انطلقت اسير يمينا وشمالا ولا اخطط اسير وانظر وتزداد نشوتي بما ارى من مباني واجواء تفوق الخيال، عندها بدأت برحلتي لزيارة كل معالم لندن وكل مكان سمعت به او حلمت ان اراه يوما، شارع اوكسفورد، شارع ريجنت وقناة بي بي سي وحديقة ريجنت الملكية وهايد بارك ومول هارودز وسلفريج ولبرتي وساحة الطرف الاغر واسودها حيث صورة لامي وابي ايام شهر العسل قبل ٣٨ عام ونهر التايمز و قرية غرينتش حيث اول ظهور لتوقيت عالمي كان من هناك واكثر من ٤٤ معلم عالمي كبير فيها زرتهم جميعا مع جولات منوعة لاتحول بعدها الى المعالم الصغيرة، كنت اخرج عند الصباح واعود لاداء نشرة الاخبار و اخرج مرة ثانية لجولات اخرى، قضيت اول ٦ اشهر كسائح متفرغ تماما للسياحة يقضي مايقرب من ١٠ ساعات يوميا خارج المنزل، فاستطيع القول ان اول ٦ اشهر اختتمت مدينة لندن بشكل عام، اما بعد ٥ سنوات من ممارسة نفس التجربة استطيع القول انني حفظت وعشقت مدينة لندن بشكل تام.

لكن ما لاحظته في لندن انها تملك سحرا غريبا يؤثر على العقل و الروح و الفكر والرؤية، فخلطتها السحرية بين التراث والعراقة والتاريخ الامبراطوري والحداثة وانطلاق اولى الابتكارات العالمية تجعلك في عالم من الخيال تسير بمتحف الزمن و الفكر الانساني الذي غير العالم، بل انك تفقد اشتياقك وحبك لاماكن ودول اخرى عند العيش بهذا المتحف الكبير الذي اسمه لندن، فبعد ٥ سنوات من العيش مازالت يوميا ارى المدينة كأنها جديدة وبدورها تضفي البهجة الروحية في نفسي لماذا وكيف لا اعرف، زرت شارع اوكسفورد مثلا اكثر من ١٠٠ مرة لكن في كل مرة اخرج منه سعيدا كانه اول مرة، ونفس الحالة تتكرر على كل زوايا و شوارع المدينة، كم هي ساحرة، اما الادمان على حب المدينة لا يتوقف فحتى عند عودتي لامريكا حيث اقيم ايضا كنت انتبه لاي مبنى او شارع يذكرني بلندن، واسرد كثيرا حكاياتها لاصدقائي الذين عشقوها بعد نقل تجربتي لهم، نعم المدينة فيها سحر وادمان صنعه البريطانيون و يتحدون به كل مدن العالم نيويورك، لاس فيغاس، طوكيو، شنغهاي، جميعها اكبر اكثر حداثة لكنها مجرد ابنية واضاءة ليست “سحر وجداني تكون من العراقة والتراث والفكر الانساني الملكي الابداعي تخمر لسنوات طويلة فأتصل بالحداثة القادمة من الخارج والمولودة لندنيا، اتصل الماضي و الحاضر لينتج خلطة سحرية تسبب الادمان تغير العقول و الارواح” انها لندن الجميلة.

تاثير المدينة السحري لايتوقف عند الروح بل يصل الى الفكر الابداعي فكنت اجلس في مقاهيها وحاناتها وشوارعها الراقية العتيقة الحديثة الجميلة وافكر فاكتب المقالات واصمم المواقع الاكترونية و اطور مهاراتي في الخط العربي و العزف على البيانو و اغير من شخصيتي بعد اطلاعي على سير شخصيات بريطانية مؤثرة و مع سعيي لتطوير ادائي المهني بعد ان اشاهد متاحفها و كيف واجه مفكريها خصومهم وتفوقوا عليهم، كانت المدينة بادلتها التاريخية وشخصياتها الاجتماعية وثقافتها الماضية والحالية تحفزني لكي اتطور فلا اعرف كيف للماضي وصراعاته وثقافاته التي انتهت بزمانها ان تتحول الى حافز لشخص قادم من خارج الدولة بل تحفزه اكثر ليتفوق في مجاله ويعيد تطوير نفسه وتنظيم افكاره ويؤمن بطروحات ومجالات لم يعرفها سابقا، فالمدينة كائن حي يحفزك بشكل مباشر ان تواصلت مع ماضيها وتراثها و حاضرها وزرت متاحفها التي تتحدث عنها وازقتها التي تجري فيها رياح الفكر و التغيير و التطوير و التاريخ الفكري البشري، كل يوم في هذه المدينة كان مغامرة كل نظرة التفت بها الى بناية قديمة اشاهد في اعلاها في اي سنة بنيت ولماذا بنيت وكيف تغيرت وتحولت و واكبت تطور الحياة، اتجول قرب برلماناها الذي ناهز ٣٧٠ عام عمرا واقرا حكاياته التي تصور تحول الحياة وتغير البشر وانا اتغير معهم كلما اطلعت عليها.

المدينة غيرتني فكريا و روحيا وغيرت ذوقي و نظرتي بكل النواحي، حتى في ايام المطر الغزير كان منظر المدينة من الطابق السادس حيث شقتي رائعا فيختلط الضباب بالغيوم ورماد البيوت لينتج لوحة فنية تكون انت نقطة فيها، ما انجزته على مستوى العمل الاعلامي للقناة و لنفسي وما تغير في روحي وفكري لن ولم يحدث ولا اتوقع حدوثة لو لم ازر المدينة الساحرة “لندن”، فدائما اتذكر ابي الذي تخرج منها واقول “له الحق في مدحها اكثر من عقد من الزمن” وانا احسب و اعتبر المدينة “شخص” من الاشخاص الفاضلين الذين لهم دور في تغييري جذريا و ابديا، تحية لك لندن.

صورة من عام ٢٠٠٣

مواجهة الموت بعمر ١٨ عام

في يوم ١٣ \ ٤ \ ٢٠٠٣ مر على سقوط بغداد ٤ ايام و سقوط منطقة الاعظمية ٣ ايام، حيث دخلت القوات الامريكية الجهة الثانية من بغداد “الرصافة” يوم ١٠ \ ٤، اختفى كل شيء يحفظ الامن لاوجود للشرطة و قوات الامن، والاهم اختفت الحواجز الاخلاقية، فسقوط الدولة لحقه سقوط هيبة المناصب الحكومية، فلم يعد احترام العسكري و المدير العام مهم لجماعات كان القانون و القيم الاجتماعية تضبطها، ومن الامثلة المضحكة المؤسفة ان احد عمال النظافة الذي كان يعمل لدينا ولدى اقاربي في تنظيف السيارات، جاء بعد شهر من سقوط بغداد ليشتري السيارات التي كان ينظفها بعد سرقته لمبالغ مالية من دائرة حكومية، واذكر انه جاء بثقة كأنه صاحب المال الحقيقي، وقد انزعج قليلا عندما رفض طلبه لشراء السيارات.

قررنا نحن شباب المنطقة ان نحمل السلاح ونحمي منطقتنا من السراق المنتشرين القادمين من مناطق اخرى، وكنا نرتدي الملابس السوداء للتمويه ” تشبه ملابس فدائيي صدام” وهم مجموعة مقاتلة انتحارية، اشتبكت كثيرا مع القوات الامريكية بمنطقة الاعظمية، واستمرت اشتباكاتها حتى بعد سقوط بغداد.

في احدى الليالي كنت في نوبة الحراسة احمل سلاحي الكلاشنكوف قرب دارنا، نظرت الى الشارع الرئيسي وقد كان مظلم جدا ولا يمكن رؤية اي شيء فيه بسبب انقطاع التيار الكهربائي و العاصفة الترابية و احتراق النفظ الاسود الذي اشعلته الحكومة العراقية لتضليل القوات الجوية الامريكية، فكان الظلام شديد، لكنني و بغريزتي الخوف و الحذر شعرت ان هناك شيء غريب في الشارع لا اعرف كيف، توجهت نحو الشارع العام وكان خلفي ضوء من مولد كهربائي لجارنا اللبناني الذي غادر العراق لكنه اعطى لنا حق تشغيل المولد، توجهت الى الشارع الرئيسي حامل سلاحي الكلاشنكوف و فتحت زر الامان ووضعت يدي على الزناد تحسبا لاي طارئ، لم يكن هناك اي شيء، وقفت عند الشارع الرئيسي لدقائق ونظرت بعدها الى الجهة اليسرى وكانت الاجواء خالية مظلمة لا صوت فيها، استمريت بالنظر لخمس دقائق احاول ان اتاكد من عدم وجود شيء، عندها تاكدت من خلو الشارع و ان غريزتي الخوف و الحذر كانت مخطئة، لكن وفي لحظة التفت الى اليمين و اذا بستة جنود امريكيين موجهين بنادقهم تجاهي بوضع استعداد تام لاطلاق النار كأنه وضع الاعدام بالرصاص، كانت صدمتي كبيرة وقد نظرت اليهم بانتظار ان يطلقوا النار فلم افكر بأي شيء وحتى لم اشعر بالخوف لاني لم املك الوقت لذلك، البنادق كانت موجهة باتجاهي ولا يحتاجون لاذن لاطلاق النار فالمنطقة لازالت في مواجهات دامية و خاصة من فدائيي صدام وانا ارتدي ملابس تشبه ملابسهم ومسلح وانظر الى الشارع، اذا الموت جاء لا محالة و قد سمعت سابقا ان الرصاصات تقتل الانسان قبل سماع صوتها، لذلك انها النهاية.

مرت دقيقة واحدة لكنها تساوي عام من الخوف، وانا بعمر ١٨ عام ولست بمقاتل فقبل ٣ ايام كنت شاب مدني في مجتمع مدني، لا اعرف كيف استمر نظري تجاههم وبعدها استدرت وعدت الى داخل شارع منزلي، وعند الدخول لامتار معدودة القيت السلاح و ركضت انادي ابن عمتي “حمزة” الذي كان في كراج منزلهم وفي طريقه للخروج رافعا سلاحه، فناديته باعلى صوتي “امريكان امريكان” عندها توقف بمكانه وقد توقف معه جيراننا “احمد” الذي كان قد خرج من منزله ايضا، الفرقة الجوالة الامريكية دخلت شارعنا ونادتنا باستخدام الليزر، فكانوا يريدون الحديث معنا.

ذهبنا نحن الثلاثة الى الفرقة الامريكية وتحدث ابن عمتي حمزة و احمد معهم، وقد كانا طلبة جامعات يفهمون بعض الانجليزية، وقالوا للفرقة الامريكية اننا نحرس المنطقة من السراق، اما انا فقد كنت في المرحلة الاعدادية ولم افقه شيء من الانجليزية لكنني لاحظت ان جنود الفرقة الجوالة كانوا ينظرون تجاهي بشكل غريب وكأن قوة اعصابهم منعتهم من فتح النار تجاهي، عندها طلب قائد الفرقة عدم التواجد بالشوارع لكي لا يختلط الامر بيننا وبين الفدائيين و الجيش اللذين استمروا بالقتال بعد سقوط بغداد، وطلب ان نصعد الى اسطح منازلنا لنحميها وعند مرورهم نفتح لهم اضاءة نحملها لكي نشير لوجودنا.

المفاجأة ان قائد الفرقة الجوالة الامريكية قال ان مجموعتنا الاولى كانت تسير امامنا عندما خرج هذا الشاب واشار الي، و توقعنا انه سيفتح النار عليهم لذلك كنا بوضع الاستعداد قبل ان يحرك سلاحه !

عندها تأكدت ان غرائز الخوف والحذر كانت تعمل بشكل صحيح، فعندما نظرت الى الشارع المظلم لم ار الجنود، لكني شعرت بان شيء يتحرك في الظلمة، فتوجهت الى هناك وفتحت زر اطلاق النار و وضعت اصبعي على الزناد وعند وقوفي في الشارع الرئيسي نظرت باتجاه الفرقة الامريكية الجوالة الاولى وشعرت بوجودهم لكنني لم ارهم، وقد كانت خلفهم الفرقة الامريكية الجوالة الثانية الذين توقفوا اكثر من خمس دقائق ينتظرون رد فعلي فان رفعت السلاح اطلقوا النار لكنني كنت انظر فقط، لذلك لم يطلقوا النار عندها التفت ورأيتهم.

رغم ان الاحتلال جريمة بكل الاعراف، لكنني اشعر ان ذلك الضابط الامريكي كان شجاعا ! فقد تمالك اعصابه خلال المعارك الطاحنة يوم ١٣ \٤ \٢٠٠٣ ولم يطلق النار ويقتلني رغم ان كل الاسباب تسمح بذلك، فقد كنت ارتدي ملابس سوداء تشبه ملابس الفدائيين و احمل سلاح و انظر تجاه الفرقة الجوالة الاولى، لم اعرف هذا الضابط ولا اذكر اسمه وشكله ولا اعتقد انني ساجده في يوم لكنه صاحب فضل في بقائي حيا الى الان.

لكي تكون صحفي و اعلامي حقيقي لاتكن صحفي واعلامي فقط

خلال عملي في الاعلام كنت شديد الانغماس فيه فكنت لا افوت ساعة الا وقد قرات الكتب الاعلامية والمقالات و التقارير والاخبار او ان اجالس الصحفيين القدامى او اكتب المقالات و التقارير فكنت مهووس في عملي بل احبه بشكل كبير ولازلت طبعا، وفي يوم من الايام التقيت مع الصحفي المخضرم السيد ……. العتمة والذي كان له تاريخ طويل بالعمل الصحفي مع كبار الشخصيات السياسية والمجتمعية.

جلسنا في مقهى وسط عمان وقد تحدثنا مطولا عن تجاربه وخبراته وعن العمل الاعلامي واستمعت لعدد من نصائح الاعلامية لكنه قال لي نصيحة كانت الاهم و الاغرب والتي علقت في عقلي لسنوات طويلة وهي 

ان كنت ترغب في ان تكون صحفي واعلامي لاتكن فقط صحفي واعلامي !

صدمت من هذه النصيحة التي لم اتوقعها بل توقعت ان يشجعني على بذل جهود اكثر في هذا المجال، سمعت النصيحة وقلت له ماهو القصد !

قال لي ان تكون صحفيا او اعلاميا محترفا في الخبر و التقرير والقراءة وغيرها من فنون الصحافة والاعلام وخبرتك في هذا المجال والعمل فقط هو ( امر خاطئ ) ففي هذا الزمن تحتاج الى ( خبرات وعمل ومعرفه اخرى خارج هذا المجال ) و تحتاج الى ان ( تستخدم نفوذك وشهرتك في اعمال اخرى مفيدة لك ماديا ) وقد توقف لاخذ نفس عميق من سيجارته وقال: انا على سبيل المثال كنت صحفي كبير ومميز في مجال عملي لكن بعد تغير الظروف والمدراء والرؤساء للمؤسسات الحكومية والاهلية التي عملت بها ومع كبر سني تم الاستغناء عن خدماتي وهو ( امر طبيعي ) فاكتشفت انني لم استثمر وقتي وعلاقاتي وتاثيري خلال فترة الشباب والوظيفة في ان اجد عمل اضافي او استثمر في مشروع وغير ذلك لاجمع دخل اكثر، بل اعتمدت على مهنة الصحافة التي اجني منها تقاعدي المتواضع والتي تبقيني ضمن مستوى دخل متوسط لا يتطور بل قد يتراجع مع تقدم الزمن وزيادة الاسعار فتذكر ( لا تكن صحفيا و اعلاميا فقط ).

بعد سنوات طويلة وعندما وصلت الى نقطة شعرت انني حققت كل احلامي الاعلامية والصحفية تذكرت هذه النصيحة و اسست مشاريعي الخاصة حيث اصبحت مصدر دخل مادي اضافي مدعومة بتاثيري الاعلامي.

لقد شعرت باهمية ان تكون اعلامي و رجل اعمال وان تستخدم تاثير المهنة في العمل التجاري في مزيج يدعم كل منهما الاخر. 

مع هذه التجربة كنت قد كتبت مقالا حول اهمية حصول الفرد على وظيفة ومهنة ومهارة لكي يؤمن دخل مادي كبير لنفسه في هذا الزمن الصعب 

اضغط هنا لمشاهدة المقال

انتفاضة تشرينالموقف السياسي الوطني والدور الاعلامي

عام ٢٠١٩ كان العام الذي غير تاريخ العراق الحديث حيث تجمع الظلم والفساد والاذلال والاستغلال على الشعب العراقي من قبل بعض السياسيين الذين ينظرون الى الوطن بانه خزنة للسرقة، على اثرها انطلقت انتفاضة الشباب الانتفاضة الوطنية التي جمعت كل طوائف المجتمع وكل الاعمار من مختلف المحافظات والمناطق لينصهروا في بودقة واحدة اسمها “العراق” يجمعهم مسمى “عراقيون” هذه الانطلاقة جمعتهم ليقفوا بوجه “الاعاجم” المتحدثين باللهجة العراقية واتباعهم.

هنا كان خط الحق والباطل ظاهر خط الاسود والابيض خط الوطن والعراقيين وخط الذيل والاعاجم لذلك كان يجب الاختيار بينهما دون الوقوف على الحياد، والذي صار “باطلا الوقوف عليه” لانها قضية وطن وشعب، اتخذت قراري و وقفت مع وطني وشعبي “العراقي” ضد الظلم والفساد والتبعية، وكان سلاحي هو “الاعلام الوطني الناطق بأسم انتفاضة تشرين”.

خلال احداث انتفاضة تشرين حرك “الاعاجم” اعلامهم المسيس ليشوه صورة العراقيين المطالبين بالاصلاح واعتبروا ان كل انتقاد واشارة للفساد والفشل هو جريمة وان السفارة الامريكية داعمة للانتفاضة، فبدا سيل الاتهامات والتنكيل والتخوين، وفي ظل هذه الاجواء تحولت ومعي جحفل من الاعلاميين وصناع الرأي الى الة اعلامية “لانتفاضة تشرين” فكنا ناقلين لاحداثها مواجهين للاعلام الاعجمي وهجماته، ننقل راي الشارع العراقي الوطني والانتفاضة الى العالم، وننقل ظلم بعض السياسيين الطامعين بالسلطة الى المجتمع الدولي، وقفت والجميع كألة اعلامية وطنية من خلال حساباتي على وسائل التواصل الاجتماعي وكنا نعمل ليل نهار، وقد حققنا بجهد وطني وغيرة عراقية انتصارا كبيرا على الالة الاعلامية المعادية للشعب العراقي والتي تحركها ايادي شرق العراق لتدمير اللحمة الوطنية.

موقفي الوطني عرضني لعدد من رسائل التهديد بالقتل وصلت الى ٤٢ رسالة مع نشر اساءات تجاهي في مواقع مدعومة من بعض الاعاجم، بل ان رقم هاتفي العام تسرب لهم واطلقوا حملة اتصالات هائلة لتهديدي، لكن ذلك لم يكن ليثني موقفي الوطني العراقي تجاه الوطن وتجاه الظلم الكبير من بعض الطبقة السياسية الفاسدة، فقد تعلمت من هذه التجربة ان الاعلامي لسان المظلومين واعلام المنتفضين على الظلم والفساد ومقاتل شرس في الفضاء الالكتروني ضد حملات الذباب الالكتروني التي تحاول رسم صورة ذهنية نمطية سيئة عن اصحاب الهمم وابناء الوطن، اخترت العراق والعراقيين واخترت قضية انتفاضة شعب على ظلم كبير بل امنت بها وكانت نتائجها تنحية رئيس وزراء، تغيير حكومة فاسدة، كشف الوجه الحقيقي للاحزاب التي تدعي انها دينية لكنها فاسدة قاتلة، ضعف الجماعات المسلحة التي صنعتها ايادي اعجمية لتكون خنجر بخاصرة العراقيين، هنا انتصرت مع المنتصرين العراقيين الشرفاء الذين اخذوا مواقعهم في هذه الانتفاضة لتغيير الواقع المظلم الى مضيئ.

اضغط على الجوانب لتصفح باقي الصور