مع انتشار القنوات الفضائية في العالم العربي وانهيار قوانين الرقابة وحواجز الخوف، والتي جعلت من الحرية قريبة من العشوائية، تحول الإعلام إلى مهنة من لا مهنة له، فظهر الكثير من الذين أطلق عليهم لقب “إعلامي وإعلامية” مَدعومين بشبكات التواصل الاجتماعي التي أعطتهم شهرة وانتشاراً أكبر، حيث تتناقل أخبارهم وتصريحاتهم بعض القنوات وشبكات التواصل ويعتبرهم البعض مثالاً لمهنة الإعلام وهذا هوالمؤسف، فهناك لغط كبير وألقاب لمن لا يستحقها.. ولتحديد مَن الذي يستحق أن يُلقب “أعلامي وإعلامية” يجب معرفة هذه الشروط الأساسية، بغض النظر عن الحالات الاستثنائية.. أولاً: كما هو مَعروف من يدرس الطب فهو طبيب، ومن يدرس الهندسة فهو مُهندس، ومن يدرس الإعلام فهو إعلامي، فأول وسيلة للتعرف على الإعلامي هي إذا كان يحمل شهادة جامعية بتخصص الإعلام، بذلك هو يَفهم ما هي، مبادئ، نظريات، أنواع، رسائل، الإعلام، لأنه عِلم قبل أن يكون مُمارسة، خلاف هذا، من لا يَحمل شهادة جامعية لا يمكن أن يكون إعلامياً. ثانياً: من يعمل كمذيع أو مُقدم برامج ليس إعلامياً، فقد يكون مُهندساً لكنه يحمل صوت رائع ولغته العربية مُمتازة، وقد أخذ دورة لتهيئة المذيعين فأصبح مُذيعاً، وقد يكون مُمثلاً فيضيف لغة الجسد على الخبر ليزيد من تأثيره، أو مُحامياً صاحب كاريزما قوية ليصبح مُقدم برامج بعد أن تدرب على ذلك، هؤلاء يؤدون الرسالة الإعلامية ولا يَصنعونها ولا يعرفون مَبادئ، نظريات، أنواع، ورسائل الإعلام، بالتالي هم ليسوا إعلاميين بل تسميتهم (مذيع، مقدم برامج) فقط، أما إذا كانوا يحملون شهادة جامعية في الإعلام فهم يستحقون لقب إعلامي. ثالثاً: المحرر الذي لا يَحمل شهادة إعلام، والذي يقوم بتسلم خبر لتصحيحة وتدقيقه لغوياً وقواعدياً ليس إعلامياً، أما المحرر الذي يحمل شهادة جامعية في الإعلام والمسؤول عن إعادة صياغة الخبر القادم من وكالات عالمية مُتعاقدة مع القناة بطريقة تتناسب مع سياسة القناة فهو إعلامي، لأنه يَصنع الرسالة الإعلامية. رابعاً: المراسل يستحق لقب إعلامي؛ لأنه يصنع الخبر من أرض الحدث، وهو الذي يتحرى عن الأسباب ويتابع الحقائق ويستطلع رأي الجمهور للوصول إلى التفاصيل، مع حمله لشهادة جامعية في الإعلام، أما من لا يحمل شهادة فهو يلقب بحسب وظيفته مُراسلاً. خامساً: رئيس تحرير أخبار القناة يستحق لقب إعلامي، فهو المسؤول عن صياغة الرسالة الإعلامية بما يتناسب مع توجيهات مُدير القناة وسياستها وجمهورها، والمسؤول عن اختيار الأخبار وطرق عرضها ووقت نشرها وكم عدد مرات تكرار بعض الأخبار، ومن يكون في هذا المنصب يكون لديه شهادة جامعية في الإعلام، خلاف هذا الأمر يسمى رئيس تحرير فقط، ومن النادر أن يكون رئيس التحرير باختصاص مُختلف. سادساً: مدير القناة، يستحق لقب إعلامي؛ لأنه يُدير المنظومة الإعلامية وسياستها وأخبارها وهو الذي يوجه رئيس التحرير بما يَجب فعله تجاه الأحداث وما يجب مَنعه والسماح به من أخبار، وهو الذي يحدد أوقات البرامج والنشرات الإخبارية بناء على خبرته لتحقيق أكبر أثر في الجمهور، فهو شخصية القناة وهو الرابط الأساسي بين ما يريد مالك القناة وبين الجمهور، فيصنع الرسائل الإعلامية بناء على الحاجات والظروف المتوافر، مع حمله لشهادة جامعية بالإعلام. سابعاً: مُؤسس القناة ليس إعلامياً، فقد تكون مَجموعة من المستثمرين أو رجل أعمال يملك رأس المال الكافي، فافتتح مَشروعاً ترويجياً، يُريد من خلاله أن يَربح مالياً وسياسياً، فهو لا يعرف ما الإعلام، بل يريد نتائج وجمهوراً مُتابعاً، أما إذا كان يحمل شهادة جامعية وصاحب خبرة في هذا المجال، يستحق لقب إعلامي. ثامناً: من يملك أو يُدير موقعاً إلكترونياً أو صفحة إخبارية في مواقع التواصل الاجتماعي ليس إعلامياً، بل هو ناشر لأنه يَستلم الأخبار من مَصادر أخرى ويعيد نشرها مُباشرة أو بإضافة عنوان مُختلف حتى دون مَعرفة مصداقية المصدر، أيضاً أكثر هذه المواقع الإلكترونية والصفحات غير مُسجلة بنقابة الصحفيين ولا تعرف الجهة التي تدعمها وتديرها ولا تملك تمويلاً مالياً أو كوادر لصناعة الخبر (محررين ومراسلين) ولا تتعاقد مع وكالات إخبارية لتأخذ أخبار حصرية، فهي ليست حتى مواقع إعلامية، أما إذا كانت المواقع والصفحات الإخبارية مُسجلة في نقابة الصحفيين وتملك كادر تحرير ومراسلين وتمويلاً مالياً وأخباراً حصرية، ومن يُديرها يَحمل شهادة إعلام فيسمى إعلامياً، لأنه يصنع رسالة إعلامية لجمهور معين. تاسعاً: هناك وظائف غير نمطية في بعض القنوات الفضائية الكبيرة مثل مُدير المراسلين، مُدير البرامج، مُستشار، مدير العلاقات العامة، مدير مكتب القناة في الخارج، مدير الأرشيف، هذه الأعمال تعتبر إدارية في أكثرها لا تدخل في صناعة الرسالة الإعلامية للجمهور، حتى المترجم الإخباري، يعمل على تحويل أي خبر إلى العربية وإرساله إلى المحررين المسؤولين عن إعادة صياغته ليتناسب مع سياسة القناة. أيضاً على من يريد أن يكون إعلامياً فذاً ويستحق المتابعة والاهتمام، عليه أن يعزز إنتاجه العلمي، مثل نشر البحوث أو أن يكتب في الأقل 25 مقالاً في الصحف الورقية والمواقع الإلكترونية الموثوقة، أو نشر بعض التقارير والتحقيقات الصحفية، وأن تكون له مشاركات اجتماعية مثل إلقاء كلمة في احتفالية، المشاركة في المؤتمرات والندوات أو إدارتها، أو جميع ما ذكر، كذلك يجب أن يطور نفسه دائماً عن طريق القراءة المستمرة للكتب والحصول على شهادات في الإعلام أو مجالات أخرى كالسياسة، علم الاجتماع، التأريخ وما شابه ذلك، تضيف له المعرفة والثقافة لكي يكون صاحب حضور وتأثير في المجتمع والجمهور. إن الإعلامي أو الإعلامية من يعمل “بالعلم” و”الثقافة” و”الأخلاق” و”الحضور المؤثر”، من يستخدم “العقل” وليس من يستخدم عمليات تجميل الوجه والجسد والملابس المعيبة، فالإعلام علم وعمل ورسالة، وليس طريقاً للإغراء والشهرة.
من هو الاعلامي
